اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

الإنسان هدف الرعاية

قداسة البابا تواضروس الثانى

20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش

كل شيء في المسيحية ينطلق من الله، وينزل إلى الإنسان عبر الكنيسة. ولذلك فالحياة المسيحية الروحية هي ثلاثية الجوانب، فحياة المسيحي هي: حياة المسيح، والروح فيه، تمجيدًا للآب.

فهدف الروح القدس الكامل في تقديس الكنيسة وتعاليمها هو إدراك كل أعضاء جسد المسيح (الكنيسة) للوحدة مع الله، التي ورثناها خلال الإيمان ومعرفة ابن الله. ويحدّد بولس الرسول وحدة الإيمان فيقول: «إلى أنن ننتهي جميعًا إلى وحدانية الإيمان، ومعرفة ابن الله، إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح..» (أفسس4: 13، 16). ولهذا فإن المسيح هو مصدر وهدف روحانية الكنيسة، ونمو كل عضو من أعضائها، مع التأكيد على أن النمو في المسيح لا يمكن أن يتم خارج الكنيسة.

فالمسيحية ليست نصوصًا تُتلى، أو أفكارًا يُباهى بها، أو طقوسًا لعقائد مذهبية. إنما هي قدرات تُمارَس، وسلوك يُلتمَس، وبها تصير شخصية الإنسان الضعيفة قوية، والمنحرفة سوية، والعقول المهيضة سليمة نقية.

والنتيجة أنه لا يوجد مرض تعجز المسيحية العملية والتطبيقية عن شفائه لكل من يؤمن بحضور المسيح وبفاعليته في حياته: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيلبي4: 13).

ونحن نعلم أن معظم كتابات الرسول بولس كانت وليدة تساؤلات المؤمنين واهتماماتهم ومواقفهم، وها نحن نراه يركّز على "الإنسان الجديد" أي المسيحي المؤمن، الذي من أجله ينطلق كل شيء من الله نحوه (نحو الإنسان).

فالمعمودية تمنح المسيحي الحياة الجديدة في المسيح (رومية6: 4)، والإفخارستيا هي نمو في الحياة مع المسيح (1كورنثوس10: 16)، والتوبة هي موت عن عبودية الخطية وحياة للمسيح (رومية6:6)، والشركة هي مشاركة في آلام المسيح وصلبه وقيامته (فيلبي3: 10).

إذًا الإنسان الجديد هو في نهاية الأمر واحد مع المسيح. والحياة الجديدة باستمرار هي خلع القديم ولبس الجديد في المسيح (كولوسي3: 9-10؛ أفسس4: 22، 24).

إن الحياة مع المسيح تحتاج إنسانًا جديدًا لا يحيا حسب السلوك العتيق الفاسد والمُستمَد من العالم الشرير، بل يحيا بالمسيح في مجتمع الحياة الجديدة.

+ إذًا من هو المسيحي؟

هو الإنسان الذي يعيش بحسب فكر المسيح (1كورنثوس2: 16)، وبالتالي له الحياة هي المسيح في ذاته، بمعنى أنه يعيش مع المسيح كل يوم، وفي كل ساعة من اليوم.

ونحن عندما نجتمع مع المسيح في الكنيسة إنما نجتمع على أساس أن كل إنسان منّا هو المسيح أصلًا في حياته.

والمسيح هو المسيح لكل العالم، وهو لجميع الناس، وكل قامة بشرية تصلح أن تأخذ المسيح لها، ودخولنا إلى المسيح وحياتنا مع المسيح لا يحتاج إلى مقدمات ولا سابق حياة ولا وضعًا معينًا، فهو لا ينظر إلى الوجه ولا يحتاج إلى التاريخ الماضي للإنسان ولا إلى خطاياه.. بل إلى الواقع، ويشتاق أن يبدأ هذه العلاقة الجديدة في كل يوم.

وكما قُلنا سابقًا فقد اهتم الرسول بولس عبر رسائله بإيضاح أن السيد المسيح هو محور حياتنا، ثم أن الكنيسة هي جسد المسيح، وأخيرًا فإن الإنسان (المسيحي الجديد) هو قصد الرعاية وهدفها.

وقد كتب االقديس بولس عدة رسائل رعوية تضع الأسس العامة للعمل الإنجيلي، وقد اتسمت بالطابع العملي دون التعرُّض للمشاكل العقيدية الإيمانية.

وقد انفردت هذه الرسائل عن بقية أسفار العهد الجديد بعرضها للتنظيمات الكنسية في العصر الرسولي. وهي موجّهة إلى كل راعٍ يكون جنديًا روحيًا للسيد المسيح، يجاهد قانونيًا في الحفاظ على الإيمان المُسلَّم مرة للقديسين بغير انحراف، نقيًا من البدع والهرطقات. كما توجه نظر الراعي إلى الاهتمام بالعمل الإيجابي، وعدم الارتباك بالمباحثات الغبية.

يعلّق القديس يوحنا ذهبي الفم على ما يقدمه الرسول بولس لكل راعٍ قائلًا: "إن نلتَ سلطانًا، يلزمك تقديم أعمال أكثر بهاءً، لأن من يقوم بدور قيادي يلزمه أن يكون أكثر بهاءً من أي كوكب منير".



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx