اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

أنتم رسالة المسيح

قداسة البابا تواضروس الثانى

20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش

هناك علامات مهمه في خدمة الكاهن في الكنيسة القبطية:

1. الكاهن هو رسالة مكتوبة بالمسيح:

فالكاهن هو شخص تمت دعوته وتزكيته بعد صلوات، من قِبَل الأب الأسقف وبعض الآباء الذين يخدم معهم. فهو شخص له خدمات سابقة في الشموسية وفي الخدمه بصورة عامة. فالسيد المسيح ينطق في قلب الأب المسئول لاختيار شخص ما، مع تزكية من حوله، حتى أن فلانًا يُرسَم كاهنًا. فرسامة الكاهن لا تتم صدفة، بل بدعوة مكتوبة من المسيح في قلب الأب الأسقف. وتتم بقصد وتعيين من شخص المسيح. فقد يحاربك عدو الخير ويقول لك إن دخولك لهذه الخدمة كان بالخطأ. اِعلم أن هذه الدعوة بمثابة وزنة سُلِّمت إليك، فالله أعطاك وزنات كثيرة: وزنات في الخدمة، وزنات في الصحة، وزنات في العلم، كيفما يكون. ولكن سُلِّمت إليك هذه الوزنات الغالية من يد المسيح بعمل الرشومات الثلاثة فتُدعى باِسم "فلان قس في الكنيسة"، وتأخذ بركه الآب والابن والروح القدس. أنت رساله مكتوبة بالمسيح وأنت مُعيَّن لهذا القصد.

2. الكاهن رسالة مغروسة في الكنيسة:

نحن لا نأتي بشخص من خارج الكنيسة ونرسمه قسًا، بل هو ابتدأ نبتة صغيرة في مدارس الأحد وفي صفوف الشمامسة وفي الخدمات المتنوعة، مغروسًا داخل الكنيسة. ولذلك يصير الكاهن ناجحًا عندما يكون له غرس قوي داخل الكنيسة، له عمق وله جذور. وعندما يُرسم الكاهن يصير كأنه كنيسة متحركة. فهو مغروس داخل الكنيسة، «كالشجرة المغروسة على مجاري المياه التي تعطي ثمرها في حينه. وورقها لا ينتثر، وكل ما يصنع ينجح فيه»، يُرسم كيانًا كنسيًا، فأنت لست مجرد رمز أو مجرد شخص بزيّ معين، بل أنت تمثل الكنيسة كلها، في عقائدها في طقسها في تراثها في تاريخها في تقاليدها في جذورها، في فهم الكتاب المقدس ومعايشته آبائيًا. ولذلك فإقامه الكاهن أهم من إقامه الكنيسة، فالعامل البشري أهم من الحجر. الكنيسة ممكن تُبنى في سنه أو اثنتين، لكن بناء كاهن يستغرق عشرات السنوات.

3. الكاهن رسالة مقروءة من جميع الناس:

فأنت شخص يجب أن يقرأك كل أحد في الرعية وخارج الرعية. يقرأونك في كلامك وفي صمتك، في سكونك وفي حركتك، في التواجد الفردي وفي التواجد الجماعي. يقرأون فيك حب الأبوة أو أبوة الحب. فقد تكون طبيبًا أو مهندسًا أو محاسبًا أو محاميًا أو أي مهنة، وقد تكون متفوقًا ومتميزًا، لكن يوم أن صرت كاهنًا فكل الرعية في كل مكان لا يريدون منك شيئًا إلّا أبوة الحب. فالمتنيح أبونا بيشوي كامل كان كاهنًا عاديًا مثل كل الآباء الأحباء الكهنة، وكان تميزه الوحيد أن الناس قرأت فيه أبوة الحب. كذلك أبونا ميخائيل إبراهيم كان انسانًا بسيطًا وصار كاهنًا. وأبوة الحب لا ترتبط بتعليم معين ولا بدراسة ولا بمفاهيم ولا بإدارة، أبوة الحب تسبق كل هذه. وهذا ما يريد أن يقرأه الشعب في خدمتك: حين تجلس يرونك أب اعتراف، وحين تفتقد يرون أبوة الحب. فالعالم اليوم جائع جدًا لهذا الطعام: أبوة الحب. قد يكون لدينا عدد كبير من الآباء، لكن ليس الكثيرون لديهم أبوه الحب. وحين تجد أبوة الحب متوفرة في الأب الكاهن، تجد الكنيسه كلها في سلام وتوافق وانسجام في الخدمة. لا صراعات ولا تشتيت ولا خلافات على أمور زائلة.

الخبرات اللازمه لنجاح الأب الكاهن في الكنيسة القبطية:

١- خبرة الشبع:

ليس الشبع من الأكل والشرب، لكن خبرة الشبع من الصلاة والعمل. فالصلاة بالنسبة لك وقفة شبع وليست وظيفة، والتسبيح وقفة شبع، والخلوات أوقات هادئة في اليوم مخصصة للشبع بربنا. وكلما تشعر بهذا الشبع تتكوّن عندك هذه الخبرة يومًا بعد يوم. سواء كان لك في الخدمة سنة أو عشر أو أكثر. كل يوم تشبع وتُشبع الآخرين. فتجد أولادك يحبون الصلاة والتسبيح، يحبون الأجبية، يرنمون روح الترنيمة والألحان والمدائح ويشبعون بها. لأن الكنيسة أولًا وأخيرًا هي مؤسسة روحية قبل أن تكون عملًا اجتماعيًا. والكنيسة المميزة دائمًا يقودها أب يحافظ على سلامة الخط الروحي. والخط الاجتماعي - أي الأنشطة - على اختلاف أنواعها، وإن كانت مهمة ولكن لا تطغى على العمل الروحي، بل أنها تتم بشكل روحي، فهي وسيلة وليست هدفًا. فعندما تُشبع أحدًا من الحياة الروحية والصلاة بالذات ينطبق عليك الآية في سفر الأمثال «النفس الشبعانة تدوس العسل»، وإن حاول عدو الخير أن يشتّت نظرك أو فكرك لشيء آخر لا يجد فرصة.

٢- خبرة الفكر المنفتح:

للأسف قد تجد كاهنًا متزمتًا له أفكار ضيقة. فعدد كبير من الآباء نشأ في مصر وذهب يخدم في بلاد المهجر، مع اختلاف الثقافة بين مصر والخارج. فيجب أن يكون الكاهن مثل الجسر، ينقل الثقافة المصرية الشرقية وجذور الكنيسة القبطية للمجتمع الذي يعيش فيه، وهذه خبرة الفكر المنفتح. فلا تنظر لك رعيتك كأنك تعيش في عصر ماضٍ. هل فكرك متجدّد وعلى قدر عالٍ من الثقافة؟ اعلموا أيها الأحباء أن أول ما يجدّد فكر الإنسان هو الكتاب المقدس عن طريق القراءة المستمرة ودراسته.

ولابد ان نفصل ما بين ما هو ديني وعقيدي وهو ثابت لا يتغير، مقابل الثقافة والأفكار المتجددة، وهذه خبرة الفكر المنفتح. صلِّ من أجل أن يعطيك الله الفكر المتفتح الذي يتناسب مع الزمان الذي نحن فيه، فكر يقدم الكتاب بالصورة المعاصرة.

٣- خبرة القلب المتسع:

يوجد شخص قلبة ضيق أو قلبة لا يحتمل، ويوجد شخص لدية قلب متسع. والشيء الوحيد الذي يوسّع قلب الإنسان أن يمتلئ بحب المسيح، فعندما يقف الإنسان طواعية أمام صليب المسيح يشبع قلبه فيسع العالم كله. فأنت وإن كنت مسئولًا عن رعية معينة وعن كنيسة معينة، لكنك مسئول عن كل أحد من خلال قلبك المحب. قلبك المتسع للآخرين يستطيع أن يسامح، فالمحبة معناها أن أقدر أن أسامح وأن أنسى، محبتك الكبيرة قادرة أن تغفر، أما يصنع المسيح معنا هكذا؟! والعجيب يا إخوتي أننا نصلي بها كل يوم ولكن ننساها! كل يوم نقول: «واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا»، والله يقف أمامنا وهناك علامة استفهام! أنت تطالبني أن أغفر لك خطاياك، وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تسامح أو تغفر لأخيك القريب منك؟ وهذا الأمر في صفوف الآباء الكهنة في غاية الخطورة، ويسبب عكارة في الخدمة، فلا تتقدم خدمتنا، والكنيسة تدخل في صراعات، فضلًا عن العثرات التي قد تحدث. ولذلك يا أخي اطلب من الله أن يعطيك قلبًا واسعًا يسع المسكونة كلها بالحب. علاج أمور كثيرة جدًا في روح المحبة التي تقدمها، هذا هو احتياج العالم الشديد.

٤- خبره الروح المتضع:

معروف لنا كلنا ان السيد المسيح الذي هو المثال الحي قدامنا قال: «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب». فيجب علينا أن نتمثل به، وتكون لنا روح الوداعة وروح الاتضاع. فلا يظن الكاهن لأنه يقود الكنيسة أنه مدير أو أنه يجب أن تكون كل الصلاحيات في يديه، وأن يكون مسيطرًا، ويصير الحال أن الذات هي التي تنمو بدافع الحفاظ على الكنيسة، ويدخل في دوامة متعبة لمن حوله ولمن يخدم معهم، في حين أنه يجب أن يكون لطيفًا مثل البلسم يوضع على الجرح فيطيب. علينا أن نتحلى بالوداعة وليس الغضب والكلمات الحادة والخصام الشديد. هل أخسر أخي أو أخسر أحدًأ من رعيتي لاجل فكري وذاتي؟ ماذا استفدت وماذا أخذت؟ خبرة الروح المتضع تظهر فيك حين ترشد أولادك في الاعتراف، تظهر وأنت جالس في مجمع كهنة وتتكلم، وفي تصرفاتك الشخصية. كيف تكون الإدراة منضبطه دون أن تنسى أنك تتعامل مع بشر على انفراد؟ كيف تتعامل مع زكا العشار، مع السامرية، ونيقوديموس، واللص اليمين؟ والفقراء كيف تتعامل معهم؟ \

٥- التعب المفرح:

بلا شك خدمة الأب الكاهن متعبة. وبلا شك أننا نحتمل أتعاب الآخرين، ولسنا مرتاحين في التعب. فالتعب أحيانًا يكون جسديًا أو نفسيًا. ولكن في نفس الوقت التعب مفرح، أنت فرح في كل شيء. قد تمشي مشوارًا طويلًا لتفتقد بيتًا، وأحيانًا تسهر أوقات طويلة لتحل مشكلة، أو تستيقظ مبكرًا رغم قلة ساعات نومك لتصلي القداس. قد تقوم بخدمات كثيرة ومكثفة، وتظل تفكر في خدمات أكثر وكيف تصل لكل شخص، دون أن يُطلَب منك، لكن بمحبة تقدم تعبًا مفرحًا.

أيها الأب الحبيب أنت ناقل للفرح، يجب أن يكون حضورك مفرحًا. أنت تتعب، ولكنك تتعب بفرح، والفرح بداخلك تتعزى به وتقدر ان تنقله لكل شخص تخدمه.

هذه الخبرات أيها الآباء الأحباء هي خبرات لازمة لنا كلنا، وأنا أعلم بخدمتكم وأتعابكم الكثيرة، وخصوصا في كنيسة المهجر المتسعة والمتباعدة، ونوعيات البشر من كل مكان لم تنشأ مع بعضها في نفس الكنيسة، ولكن معظم الخبرات هي خبرات ناجحة.

المسيح يبارك حياتنا ويبارك خدمتكم ويبارك أتعابكم...



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx