ذكرنا العدد الماضي إن هناك زوايا نضج هامة يجب أن يتمتع بها كلٌّ من الشاب والشابة، قبل التفكير في الزواج وذكرنا منها النضج الروحي.. ونستكمل موضوعنا عن النضج النفسي:

معروف علميًا أن الشاب والشابة في بدء المرحلة الجامعية، يتطلّع كلٌّ منهما بسرعة نحو اختيار شريك الحياة، والتعرُّف على الجنس الآخر. ومعروف علميًا وثابت أن هذه مجرد مرحلة في حياة الشباب تُسمّى "مرحلة الجنسية الغيرية العامة"، أي أنه يتطلع إلى الجنس الآخر في محاولات متكرّرة للتعرُّف عليه. وهكذا لا يستطيع أن يحدّد الشخصية المناسبة لرحلة العمر في هذه المرحلة، لأنه يكون عادة سريع التقلُّب والتغيُّر من شخصية إلى أخرى. والأنسب في هذه المرحلة أن يختلط الشباب في جو روحي مقدس، فيه فرص التعرّف العام على الجنس الآخر، دون تحديد شخصية ما، أو الدخول في علاقات عاطفية تضرّ أكثر مما تفيد، تضرّ الطرفين إذ ينشغلان عن بنيان نفسيهما روحيًا ودراسيًا، كما تضرّ بسمعة الفتاة إذ من يضمن لنا أن هذا اختيار إلهي، بينما نحن في مرحلة "الجنسية الغيرية العامة"؟!

ولكن في آخر سنوات الجامعة، بل حتى بعد التخرج، يبدأ الشباب بالانتقال إلى مرحلة "الجنسية الغيرية الأحادية"، أي يستطيع -بالصلاة والتفكير- أن يحدّد الشخصية الوحيدة التي يشعر أنها اختيار الله لحياته. وهكذا يكون قد نضج نفسيًا لاتخاذ هذا القرار الخطير، قرار العمر.

والنضج النفسي له علامات كثيرة منها:

1- التفكير المنطقي

2- التفكير الروحي

3- الاسترشاد بأب الاعتراف.

4- أخذ رأي أحد المتخصصين في موضوع ما، كعلماء النفس والصحة النفسية والاجتماع والقانون والعلاقات العامة وغير ذلك.

5- نضج القرارات: بمعنى أن ينتج عن كل ما سبق من قرارات مدروسة وناضجة وبنّاءة، تبني الإنسان وأسرته وكنسيته ومجتمعه، بل وتبني الإنسانية جمعاء.

لذلك نرجو من إخوتنا الشباب من الجنسين أن يتعرفوا على هذه الأمور، فلا يتسرعون في الاختيار، أو في التورط في علاقات عاطفية، كثيرًا ما انتهت إلى فشل ومرارة.