اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

قاتل وشهيد

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش

لقد تأثرنا جميعًا بالحادث المريع لاستشهاد القمص سمعان شحاتة. وأكثر ما تأثرنا به بشاعة المشهد الذي سمح الله أن يتم تصويره. وبالتأكيد نحن واثقون من أن أبانا القمص قد دخل إلى فرح سيده مُكلَّلًا ظافرًا، وأن الله سوف يطالب بدم هذا القديس الشهيد ليس من يد قاتله فقط، بل ومن أيدي مرشديه الذين زرعوا في عقل القاتل وقلبه ثقافة الكراهية والعنف. القتلة يغدرون بالله ويجعلونه يعاديهم لأنهم سافكو دم وإرهابيون يحطمون حياة الآخرين. لا مكان للقتلة في السماء. هؤلاء القتلة ليسوا شهودًا لله، لأن الشهيد الحقيقي هو من يموت لأجل إيمانه وليس من يقتل الآخرين لأجل إيمانهم. الذين يسفكون الدم المسيحي يفعلون هذا لأنهم يرهبون المسيحيين، فهم يرتعدون من صليبهم ومسيحهم، فيفقدون عقولهم ويصيرون كالوحوش الكاسرة والذئاب المفترسة عند رؤيتهم علامة الصليب، لأن الشيطان الذي فيهم لا يستطيع أن يقف أمام علامة الصليب. يخافونهم لأنهم لم يدركوا بعد قوة المحبة المسيحية.

بالإضافة إلى ذلك لا يفوتنا أن نتعلم درسًا شخصيًا من هذه الحادثة يخدم خلاص نفوسنا وبنياننا الروحي. فلو تأملنا موقف القاتل لوجدنا فيه بشاعة، ووحشية، وإصرارًا، وتنكيلًا، وبغضة، وعداوة. وبالتالي، يحمو غضبنا على الرجل جدًا كما حمي غضب داود النبي من قبل ونصرخ معه قائلين: «حَيٌّ هو الرَّبُّ، إنَّهُ يُقتَلُ الرَّجُلُ الفاعِلُ ذلكَ» (2صم12: 5). ولكن هوذا يأتينا صوت ناثان النبي معلنًا لكل واحد فينا: «أنتَ هو الرَّجُلُ!» (2صم12: 7).

الكتاب المقدس يعلن بوضوح شديد: «كُلُّ مَنْ يُبغِضُ أخاهُ فهو قاتِلُ نَفسٍ، وأنتُمْ تعلَمونَ أنَّ كُلَّ قاتِلِ نَفسٍ ليس لهُ حياةٌ أبديَّةٌ ثابِتَةٌ فيهِ» (1يو3: 15). بل والسيد المسيح نفسه يقول: «قد سمِعتُمْ أنَّهُ قيلَ للقُدَماءِ: لا تقتُلْ، ومَنْ قَتَلَ يكونُ مُستَوْجِبَ الحُكمِ. وأمّا أنا فأقولُ لكُمْ: إنَّ كُلَّ مَنْ يَغضَبُ علَى أخيهِ باطِلًا يكونُ مُستَوْجِبَ الحُكمِ، ومَنْ قالَ لأخيهِ: رَقا، يكونُ مُستَوْجِبَ المَجمَعِ، ومَنْ قالَ: يا أحمَقُ، يكونُ مُستَوْجِبَ نارِ جَهَنَّمَ» (مت5: 21-22). لابد إذًا وأن يذكّرنا كل مشهد قتل وحشي بأننا نحن أيضًا قتلة!! وأسلحة القتل التي نغتال بها إخوتنا هي سيف البغضة، وسكين النميمة، وساطور الإدانة، وطلقات الغضب النارية، ومسدس الشتيمة، وحربة العثرة، وقبلة الغش والخداع، وبرودة الإهمال والتجاهل، وسم الخصام، وسوط الغيرة والشك، وسهم الحسد، ومقصلة عدم الغفران. انظروا كيف بردت محبة الكثيرين في تلك الأيام الصعبة!! أنظروا كيف انتشرت البغضة بين الأزواج بعضهم نحو بعض، والأبناء نحو الآباء، والإخوة نحو إخوتهم، والخدام بعضهم نحو بعض!! ألا تشهد على ذلك آلاف القضايا المرفوعة في المحاكم؟ ألا تشهد على ذلك آلاف الساعات التي يقضيها الكهنة والخدام لفض الخلافات الأسرية، والنزاعات في الخدمة؟!! ألا تشهد على ذلك الأحشاء المنغلقة بكل إصرار وتصميم؟!!

ليتنا نستفيق جميعًا من غفلتنا ونتوب قبل أن يمضي الزمان ونُحسب مع القتلة المستوجبين نار جهنم!! أمّا نفس خادم الرب الأمين الأب الموقّر القمص سمعان شحاته، فنتضرع إلى الرب أن ينيّحها في فردوس النعيم مع مصاف الشهداء والأبرار، وأن يعزّي أسرته وكل شعبه، وأن يوقظ ضمير كل المصريين والمسئولين ليضعوا نهاية لهذه الأعمال البربرية الوحشية الإرهابية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx