اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

الرَّبُّ حَافِظُ الْبُسَطَاءِ (مز116: 6)

القمص بنيامين المحرقي

20 أكتوبر 2017 - 10 بابة 1734 ش

البساطة Simplicity هي النقاوة والصفاء والشفافية والاستقامة، وهي عدم التعقيد أو التركيب، هي ضد الرياء والمظهرية. وهي ضد المكر، فالإنسان الملتوي تجتاز فيه أفكارٌ كثيرة، وقد تناقض بعضها، بينما البساطة ليس فيها ذلك.

البساطة من صفات الله: الله كلي البساطة، فطبيعته روح بسيط. لذلك كلما اقتنينا البساطة، زاد اقترابنا من الله، وهي التي تؤهّل الإنسان للاتحاد بالله، يقول مارفيلوكسينوس أسقف منبج: [البسطاء هم للرب، أما الماكرون هم أوانٍ للشياطين فلا تشتهِ المكر لأنه أرض تلد شرورًا، أمّا البساطة فهي حقل يلد البر].

وأبناء الله لابد أن يعيشوا بالبساطة: لقد خلق الله آدم وحواء في حالة من البراءة والبساطة، فقد «كَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ» (تك2: 25)، وكان هدف الشيطان أن يفسد هذه البساطة، وقد أعادنا السيد المسيح إلى حالة البساطة (2كو11: 3)، وبهذا كانت البساطة سمة المؤمنين في الكنيسة الأولى، فقد «كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ» (أع2: 46)، فقد كانوا يعيشون ببساطة الروح وليس بحكمة وفلسفة عالمية (2كو1: 12).

البساطة التي من الخارج: بساطة الملبس والمأكل والمسكن والمقتنيات، فيعلمنا القديس بولس الرسول، قائلًا: «فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا» (1تي6: 8)

البساطة التي من الداخل: بساطة الحواس مثل بساطة الكلام والنظر والسمع،وبساطة الفكر والقلب.. مع الحكمة «وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ» (رو16: 19). البساطة الداخلية تنبع من الإيمان البسيط: يقول مارفيلوكسينوس في تعريف الإيمان البسيط: [ليس هو البلادة والخرافة، انما الإيمان البسيط هو فكر واحد بسيط فريد يُسمع ولا يفحص، مثلما دُعِي إبراهيم وخرج تابعًا لله، لم يفحص الصوت المنادي له، ولم تعقه الأقارب ولا الأصدقاء ولا المقتنيات ولا أي شيء من رباطات البشرية... هكذا دُعِي الرسل فتركوا شباكهم وتبعوه (مر1: 18)]، ويقول أيضًا: [البساطة سابقة على الإيمان، لأن الإيمان هو ابن البساطة] (ميمر عن البساطة). ويقول مار أفرام السريانيّ: [ميزة الإيمان البساطة، أمّا التقصّى والمعارضة فهما ميزتا التكبُّر، الذى يبعد الإنسان عن الله].

الإيمان البسيط مقترن بالمعرفة: إن معرفة أسس الإيمان المسيحيّ لا تتعارض مع البساطة، مع ملاحظة أن دراسة أسس الإيمان ليس من الممكن أن تكون دراسة عقلية فقط، بل يقترن فيها العقل بالإيمان وكلاهما يكمّل الآخر. فكلما كان الإنسان أكثر معرفة وعمقًا روحيًّا، كان أكثر بساطة واتضاعًا ووعيًا، مملوءًا محبة من الروح القدس الذي هو روح المعرفة والفهم.

حياة البساطة مقترنة بالحكمة: أوصانا السيد المسيح، قائلًا: «فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ» (مت10: 16). يقول قداسة البابا شنوده الثالث: [ولا فصل بين البساطة والحكمة. فالسيد الرب يقول "كونوا بسطاء... وحكماء... " (مت10: 16). ليست البساطة إذًا عكس الحكمة. إنما البساطة هي عكس التعقيد. البساطة المسيحية بساطة حكيمة، والحكمة المسيحية بسيطة، أي لا تعقيد فيها. وقد يكون الإنسان في منتهي الذكاء، ومع ذلك فهو بسيط، أي لا يعقد الأمور] (خبرات في الحياة113). لقد ذهب وراء أبشالوم «مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا» (2صم15: 11)، ذهبوا ببساطة بدون معرفة، وبدون حكمة، هذه ليست بساطة لكنها بسذاجة من ناحيتهم، وبخبث من جهة أبشالوم.

كلما كانت طريقة الحياة بسيطة خالية من التعقيد، والمظاهر المبالغ فيها، كلما قادت الإنسان إلى الوصول لهدفه من أقصر الطرق. فبساطة القلب هي أن يكون هدفنا هو الله. البساطة سر علاقات الود والحب بين الناس، في حين عدم البساطة تنشيء قلقًا وخوفًا من الآخرين، وبالتالي عدم محبة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx