اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون03 نوفمبر 2017 - 24 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

مفهوم القوة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

03 نوفمبر 2017 - 24 بابة 1734 ش

تحدثنا في مقال سابق عن الفرق بين القوة والعنف، ورأينا كيف أن العنف هو نوع من الضعف، لذلك نريد التعرف على معنى القوة وصورها حتى نكون أقوياء في الحق وفي المعرفة وباقي الفضائل.

1- قوة المحبة: وتقول الحكمة الإلهية «المَحَبَّةَ قَويَّةٌ كالموتِ.. مياهٌ كثيرَةٌ لا تستَطيعُ أنْ تُطفِئَ المَحَبَّةَ، والسُّيولُ لا تغمُرُها» (نش8: 6، 7). والمحبة إيجابيًا تعني حب التعب لأجل الآخر، والبذل والتضحية والعطاء حتى النَفْس، كما نرى في الشهداء الذين أحبوا الله حتى الموت، وكذلك في مَنْ أحبوا الوطن حتى الموت أيضًا، والسيد المسيح له المجد أحبنا حتى الموت.

ومن الناحية السلبية: فالمحبة تعطي قوة احتمال الأخطاء، والصبر على مَنْ يُخطئ، لأن المحبة لا تسقط أبدًا (1كو13: 8)، بل تحتمل وتصبر وترجو كل شيء. لذلك أجمع الآباء على ارتباط الصليب بالمحبة، حيث صُلب الابن الكلمة المتجسد ليقدم غفرانًا وحياة لمن أخطأوا وحُكِم عليهم بالموت بسبب الخطية، فقدم حياة أبدية لمن يؤمن ويمارس الأسرار المحيية المقدسة، وقد احتمل بحبة إنكار بطرس وشك توما وهروب التلاميذ في وقت آلامه، لأجل الجميع. إنها المحبة القوية التي تُغطّي إساءات البشر، وتقدم حُبًّا للأعداء وبركة لمن يلعن، كما طلب الرب من مؤمنيه «بارِكوا لاعِنيكُمْ... صَلّوا لأجلِ الّذينَ يُسيئونَ إلَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ...» (مت5: 43-48).

2- قوة الصلاة بإيمان: فالصلاة الحارة من القلب بقوة إيمان وفي انسحاق قلبي تصعد بسرعة إلى أذن الله فتأتي بثمار الاستجابة، كما حدث مع الآباء الرسل إذ حين صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلأ الجميع من الروح القدس (أع4: 31).

حقًا إن طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها «كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ للمؤمِنِ» (مرقس9: 23)، هكذا رأينا في نقل جبل المقطم، وقديمًا مع أرملة صرفة صيدا وإيمانها بما قاله إيليا، والأمثلة عديدة في الكتاب المقدس مثل نازفة الدم حين لمست هُدب ثوب السيد المسيح وغيرها كثيرون، فما أروع صلاة اسطفانوس وهو ينال إكليل الشهادة مما أثّر في شاول الطرسوسي فاستحق أن يرى الرب يسوع في رؤية فريدة كَمَّلَت هذه البداية فصار بولس الرسول أكبر كارز.

القوة: هي القدرة على الانتصار ضد أي مقاومة شريرة بالمحبة وبالصلاة القويتين، فالانتصار على الحروب الشيطانية ومواصلة الصلوات رغم الحرب لتعطيل المُصلّي عن التسبيح، وهذه حرب لإضعاف القُوى الروحية التي تقاوم حرب الخطية، ومن هنا كان الثبات المؤدي إلى النصرة يتوقف على قوة الثبات في محبة الله ومحبة الصلاة «كتَبتُ إلَيكُمْ أيُّها الأحداثُ، لأنَّكُمْ أقوياءُ، وكلِمَةُ اللهِ ثابِتَةٌ فيكُم، وقَدْ غَلَبتُمُ الشِّرّيرَ» (1يو2: 14).

والغلبة تعكس قدرة خاصة على الجهاد الروحي ضد الخطية «لَمْ تُقاوِموا بَعدُ حتَّى الدَّمِ مُجاهِدينَ ضِدَّ الخَطيَّةِ» (عب12: 4).. وهذا ما حدث مع يوسف الصديق الذي يُعتبر عنوان القوة المنتصرة على الشر(تك39).

هكذا ينبغي أن يكون أولاد الله منتصرين أقوياء النفس، بدون قلق ولا اضطراب ولا خوف، بل يكونوا كالجبال الشامخة أمام الضغوط «لأنَّ اللهَ لَمْ يُعطِنا روحَ الفَشَلِ، بل روحَ القوَّةِ» (1تي4: 7)، لذلك لا نفشل.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx