اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون03 نوفمبر 2017 - 24 بابة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

أقول الصدق في المسيح

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

03 نوفمبر 2017 - 24 بابة 1734 ش

«أقولُ الصِّدقَ في المَسيحِ، لا أكذِبُ، وضَميري شاهِدٌ لي بالرّوحِ القُدُسِ» (رو9: 1). عبارة قوية جدًا كتبها بولس الرسول لأهل رومية توضح بشكل رائع أن الثالوث ليس مجرد عقيدة نظرية مُثبَتة بالبراهين تُدرَّس في معاهد اللاهوت، ولكنه إيمان حيّ عملي متداخل في كل دقائق الحياة اليومية. إنه يقول الصدق في المسيح، في حضرة الله الآب، وبشهادة الروح القدس. من هنا تتحول الفضيلة من مجرد فضيلة أخلاقية قد يتحلّى بها الملحدون وغير المؤمنين إلى فضيلة مسيحية تجد لها بُعدًا عميقًا متأصّلًا في عقيدة الثالوث. ولا ينطبق ذلك على فضيلة الصدق فقط بل على كل أنواع الفضائل الأخرى. فكل فضيلة خارج شركة الثالوث هي لا تتعدى الأخلاقيات التي تكون كالقش الذي يحترق عند امتحانه بالنار.

لا يستطيع أحد أن يوجد في محضر الله وأن يعاينه ما لم يكن عليه لباس العرس (مت22: 12). «فلَمّا دَخَلَ المَلِكُ ليَنظُرَ المُتَّكِئينَ...» (مت22: 11) سيفتش أولًا عن لباس العرس. ولباس العرس ما هو إلّا المسيح ذاته «البَسوا الرَّبَّ يَسوعَ المَسيحَ» (رو13: 14). بالتالي، ما لم يجدنا الله الآب «مُشابِهينَ صورَةَ ابنِهِ» (رو8: 29) لن نذوق ملكوته، لا هنا على الأرض ولا هناك في الأبدية. بمعنى أن كل من يحمل في ذاته شيئًا مخالفًا لطبيعة الله لا يستطيع أن يتواجد في محضره ولا أن يعاينه: «ولكن نَعلَمُ أنَّهُ إذا أُظهِرَ نَكونُ مِثلهُ، لأنَّنا سنَراهُ كما هو. وكُلُّ مَنْ عِندَهُ هذا الرَّجاءُ بهِ، يُطَهِّرُ نَفسَهُ كما هو طاهِرٌ» (1يو3: 2-3).

إن صدق الله ليس مجرد فضيلة خارجة عن جوهره بل هو طبيعة الله ذاته الذي هو كل الحق: «أنا هو الطَّريقُ والحَقُّ والحياةُ» (يو14: 6). لعل هذا هو السبب الذي جعل السيد المسيح لا يجيب على بيلاطس عندما سأله "ما" هو الحق بدلًا من أن يسأله "من" هو الحق؟ الفرق بين الاثنين كبير: فالأول يتعلّق بالفضيلة، أمّا الثاني فيتعلق بالجوهر ذاته. أمّا الشيطان فقد قيل عنه إنه «لَمْ يَثبُتْ في الحَقِّ لأنَّهُ ليس فيهِ حَقٌّ. مَتَى تكلَّمَ بالكَذِبِ فإنَّما يتَكلَّمُ مِمّا لهُ، لأنَّهُ كذّابٌ وأبو الكَذّابِ» (يو8: 44). هكذا يتكلم الله ممّا له بالحق، بينما يتكلم الشيطان ممّا له بالكذب. وبالتالي، يكون الشيطان أبًا لكل كذاب، بينما يكون كل من يقول الصدق في المسيح - مثل بولس الرسول - ابنًا حقيقيًا لله.

وللكذب أنواع كثيرة: اللف والدوران هو كذب، أنصاف الحقائق هي كذب، التجمُّل والرياء هو كذب، تنميق الكلام والنفاق هو كذب، خداع النفس هو كذب، عدم الثبات على مبدأ هو كذب، عدم الوفاء بالوعود هو كذب، المبالغة في الكلام هي كذب، إدعاء المعرفة هو كذب، المماطلة والتسويف هما كذب، شهادة الزور هي كذب، محبة العالم والأشياء التي في العالم هي كذب. باختصار كل ما هو ليس من الله هو كذب طالما أنه «ليس عِندَهُ تغييرٌ ولا ظِلُّ دَوَرانٍ» (يع1: 17).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx