اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون01 ديسمبر 2017 - 22 هاتور 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 47-48

اخر عدد

لماذا أتى..؟!

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

01 ديسمبر 2017 - 22 هاتور 1734 ش

"إيفا" فتاة لطيفة أوصاها والداها عند خروجها للمدرسة بعدم شراء أيّة مأكولات من الباعة الجائلين، لأنها تكون مكشوفة ومعرّضة للتلوث..

وعدَتْ "إيفا" أن تطيع، ولكنّها بسبب إغراء البائع لها اشترت منه وأكلت، رغم تحذيرات والديها.. وفعلاً كان الطعام ملوثًا، ودخل الميكروب جسمها.. بدأت تشعر بالمرض يدبّ في كيانها والآلام الشديدة تعتصرها، فقد أُصيبَت بحالة تسمُّم خطير..

وصلَتْ المنزل بصعوبة، وعندما فتحت والدتها الباب فوجئت بها شاحبة الوجه، لا تستطيع الكلام وتتحرّك بصعوبة بالغة..  فبادرتها الأم: هل أكلتِ من الأكل الملوَّث الذي قلت لكِ لا تأكلي منه؟.. لم تستطع "إيفا" الردّ بل ارتمت على أقرب سرير كالجُثّة الهامدة في انتظار الموت الأكيد..!

ما هو الحل؟

+ هل تكفي التوبة؟!

هل تعتذر لوالديها، وتتأسّف لهم كثيرًا وتطلب المغفرة.. وتتوب عن هذا العمل؟.. هل هذا سينقذ حياتها؟!.. إنّها تموت.. ومهما اعتذرت وتابت فلن تُحَل المشكلة ولن تحيا!

+ هل تحتاج إلى مزيد من الوصايا؟

هل يؤنبها والداها على عدم طاعتها، ويوصيانها بعدم تكرار مثل هذه الأفعال الخاطئة؟ ولكن ما فائدة كلّ هذا والبنت تموت..؟! كلّ هذه الوصايا لن تستطيع أن تُحييها.. فهي تحتاج لمَن يُحيِيها..!

+ هل نغيِّر الجوّ المحيط بها؟

بأن يغطّيها والداها بالأغْطية، أو يعملوا لها كمّادات بسبب حرارتها المرتفعة.. أو.. أو.. كلّ هذه الأشياء من الخارج لن تُعالِج المرض الذي يسري في الدم.. في الداخل..!

عندما جاء الطبيب أشار بأنّ الحلّ الوحيد لإنقاذ حياة "إيفا" (وهي كلمة قبطيّة تعني بالعربيّة "حواء"):

1- مَصل أو مضاد حيوي قوي جدًا.. أقوى من الميكروب.

2- يدخل الدواء إلى داخل جسمها، ويتّحد بها ويسري في دمها.

3- يُعطَى الدواء بجرعات متتالية منتظمة، حتى نقضي على سيطرة الميكروب اللعين.. فيضمحلّ المرض تدريجيًا وتبدأ الحياة تدبّ فيها من جديد.

4- تعيش طوال حياتها على جرعات ثابتة ممتدّة المفعول من الدواء، تتناولها بانتظام، حتى تظلّ السيطرة كاملة على الميكروب ولا ينتعش من جديد..!

+ هذه القصّة تمثّل مأساة الإنسان، عندما سقط بغواية إبليس ودخل ميكروب الخطية في كيانهِ، ولوّث طبيعته، وبدأ الموت يدب فيه.. والحلّ الوحيد كان أن نأخذ قوّة تتّحد بكياننا، لنغلب ميكروب الخطية الذي فينا.. وهو ما نلناه عندما أخذ ربنا يسوع عجينة البشرية من السيدة العذراء، واتّحد ببشريتنا ليحيينا ويعطينا قوّة تشفينا من الخطيّة وآثارها..!

+ لم يكُن ممكنًا أن يكتفي آدم بالتوبة والاعتذار لله، ولا تكفي وصايا وشرائع العهد القديم، ولا يصلُح العلاج من الخارج بتغيير الجوّ المحيط، بالنظافة والأخلاقيات.. فالمرض من الداخل ولابد أن يكون العلاج أيضًا من الداخل.. بدواء قوي هو نعمة المسيح التي كان التجسُّد هو مفتاحها الأول.. ونحن نتزوّد بها من خلال الأسرار الكنسيّة المُقدَّسة..

من هنا تأتي أهمية التناول المنتظم ليثبت المسيح فينا، ويظلّ مستوى النعمة مرتفعًا في داخلنا، وبالتالي يظلّ الإنسان العتيق، أي تيّار الخطيّة، مقهورًا فاقدَ القدرة والتأثير.. أمّا إذا أهملنا في التزوُّد المنتظِم بالدواء أي بوسائط النعمة فسيبدأ ميكروب الخطيّة في الانتعاش، وتظهر آثاره الخطيرة فينا مرة أخرى..!

[فكرة المقال مأخوذة عن نبذة "لماذا التجسّد؟" للقس بيشوي صدقي]



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx