اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

وعُـود الله - مجلة الكرازة - السنة السابعة والثلاثون - الجمعة 24 نوفمبر 2006 –  العددان 31، 32

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش

إن الله المعطاء: وعوده باستمرار مملوءة بالعطاء. نلمح ذلك من أول سفر التكوين إلى سفر الرؤيا. وسنحاول الآن أن نعرض بعضًا منها، لنرى كم أن الرب طيب وسخي جدًا في وعوده...

+ أول وعد قدمه الله، كان لأبوينا الأولين آدم وحواء.

«وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (تك1: 28).

هكذا أعطاهم البركة والكثرة والسلطة، وأصبح الإنسان هو خليفة الله في أرضه، يتولاها ويحكمها.. ومازال هذا الوعد ساريًا حتى الآن.. إنها سلطة على الطبيعة. فالأسد الجبار ملك الوحوش، يأخذه الإنسان ويضعه في قفص، فيتفرج الناس عليه.

+   +   +

+ ثاني وعد نذكره، كان لأبينا إبراهيم، إذ قال له:

«فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ» (تك12: 2، 3). كما وعده أيضًا بأن عدد نسله يكون كنجوم السماء لا يُعد (تك15: 5، 6).

إنه وعد بالبركة. وتكررت وعود الله بالبركة كثيرًا في الكتاب المقدس. ولكنه يضيف هنا عبارة «وَتَكُونَ بَرَكَةً». وهكذا كان كل أولاد الله: كما كان يوسف بركة في بيت فوطيفار وكل أرض مصر. وكما كان إيليا بركة في بيت أرملة صرفة صيدا.. وكثيرون صاروا بركة في العالم، نتبارك بأماكنهم وآثارهم ورفاتهم..

إن الله يريد لنا أن نكون بركة. فليتنا نحافظ على هذا.

+ والجميل أيضًا في وعد الله لإبراهيم قوله «وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ». إذًا الشخص الذي يلعنك، لست أنت الذي ترد عليه، الله هو الذي يلعنه، فاطمئن.

+   +   +

3- هناك وعد الله لأبينا يعقوب، وهو هارب من عيسو أخيه:

قال الله «وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ» (تك28: 14، 15). إنه وعد بالحفظ.

والوعد بالحفظ موجود عبر الأجيال «الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ» (مز121: 7-8).

الله حفظ أشخاصًا، وحفظ أممًا، وحفظ الكنيسة إلى هذا اليوم وحافظ الأطفال هو الرب (مز116: 6). الرب حفظ الفتية الثلاثة في أتون النار، وحفظ دانيال في جب الأسود، وحفظ يونان في جوف الحوت، ويقول المرتل «إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مز23).

إنه حفظ يدعو إلى الاطمئنان وإلى السلام الداخلي. وهو أحيانًا حفظ مباشر من الله، وأحيانًا بواسطة ملائكته وقديسيه.

+     +      +

+ وعد آخر قاله الله ليشوع بن نون، بعد موت موسى النبي.

كان يشوع خائفًا. ولكن الله وعده قائلًا: «لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ. تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ» (يش1: 5، 6).

طبعًا الله دائمًا مع الضعفاء أو الشاعرين بضعفهم: يشجعهم بوعوده حتى لا يخافوا. وهنا نقف أمام عبارة «لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ». ولعل البعض يعجب فأعداء كثيرون وقفوا ضد الأبرار! ولكن تفسير ذلك إنهم قد يقفون ضدهم، ولكنهم لا يقوون عليهم. كما قال الرب لأرميا النبي: «فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ» (أر1: 19).

الإنسان البار، القوي من الداخل، لا يخاف ولو وقف العالم كله ضده. قيل للقديس أثناسيوس الرسولي – في صراعه ضد الأريوسيين – "العالم كله ضدك يا أثناسيوس"، فأجاب في قوة "وأنا ضد العالم" لذلك لقبوه Contra Mundum.

يقول المزمور «قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ» فكانت الإجابة: «اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» (مز2: 2، 4).

نعم إن وعود الله تعطي الإنسان قوة وسلامًا. فعلينا أن نحفظ في ذاكرتنا تلك الوعود المشجعة ونستخدمها حينما يلزم..

لكن لا نعتمد علي وعود الله بينما نسلك في الخطأ. فالسيد الرب كما وعد يشوع، قال له أيضًا «لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلاً، لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ» (يش1: 7، 8).

فلكي يكون الرب معك، ينبغي أن تكون أنت أيضًا معه.

+   +   +

+ وعد آخر قاله الرب لبولس الرسول في كورنثوس، وهو:

«لاَ تَخَفْ، بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، وَلاَ يَقَعُ بِكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ» (أع18: 9، 10).

وفعلًا، تكلم القديس بولس، ولم يؤذه أحد هناك.

+   +   +

+ بقيت وعود الرب في سفر الرؤيا. وما أكثرها للغالبين.

أذكر من بينها قول الرب «مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ» (رؤ3: 21).

هذا وعد في منتهى السمو والعظمة، ولكن من يستطيع أن يصل إليه، إلا الغالبون، الذين غلبوا أنفسهم وغلبوا الشهوات والمادة، وغلبوا العالم والشيطان.. حينئذ يستحقون أن يجلسوا مع الرب في عرشه..

فلنتناول إذًا بعضًا من وعود الرب لرعاة الكنائس:

+ قال لراعي كنيسة سميرنا، واسمها مأخوذ من المر، وكانت تقاسي اضطهادات شديدة.. قال له: «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ..» (رؤ2: 10). لم يقل له إني سأمنع عنك الألم، بل لا تخف مما سوف تتألم به.. ذلك لأن الآلام بركة. وقد قال الكتاب «قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ» (في1: 29). إذًا لا تخف من الألم. بل «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ». وإكليل الحياة هو وعد آخر يحلم به الجميع..

+ من أجمل الوعود أيضًا ما قاله الرب لراعي كنيسة فيلادفيا: «هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ» (رؤ3: 7، 8). إنه يذكرنا بما كانت تقوله جداتنا العواجيز قائلات "روح يا ابني، ربنا يفتحها عليك".. حقًا إن ربنا حينما يفتح بابًا أمام إنسان، لا يستطيع أحد أن يغلقه.. يكفيك إذًا أن تصلي لكي يفتح لكَ الرب أمامك. وأرفع هذه الصلاة كلما تتقدم إلى مشروع من المشروعات أو أية خطة من الخطط. من الجائز أن بابًا تفتحه أنت لنفسك، أو يفتحه لكَ أناس آخرون. هذا كله غير الباب الذي يفتحه الله أمامك، فلا يستطيع أحد أن يغلقه.

والعجيب أن الرب يقول أيضًا لملاك كنيسة فيلادلفيا عن الذين يعادونه: «هنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا أَحْبَبْتُكَ» (رؤ3: 9). هذا السجود ليس هو سجود العبادة، حاشا! بل هو سجود المهابة والمخافة. كما يوجد أيضًا سجود لمجرد الاحترام. فليت البعض يلتفت إلى هذا التفريق، وبخاصة أخوتنا من الطوائف الأخري. فهنا تعليم كتابي من فم الرب نفسه.

+       +        +

إن وعود الله كثيرة كما قلت لكم، من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا، على مدى العصور كلها.. والله لا يرجع في شيء من وعوده أبدًا.

فليكن الرب معكم جميعًا، ولتتحقق فيكم وعوده.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx