اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

لمن قدّم السيد المسيح ذبيحته على الصليب؟

مثلث الرحمات نيافة الأنبا بيشوي

15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش

لقد قدّم السيد المسيح نفسه لله أبيه بالروح القدس كقول معلمنا بولس الرسول «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ» (عب9: 13، 14).

ومن الواضح أن عبارة معلمنا بولس الرسول أن المسيح قدم نفسه لله بروح أزلي مقصود بها أنه قدّم نفسه لله أبيه بالروح القدس. فالروح الأزلي هنا هو عمل الروح القدس في إصعاد ذبيحة الابن الوحيد، مثلما كانت تنزل نار من السماء وتلتهم المحرقات والذبائح. مثلما حدث في تدشين الهيكل أنه «لَمَّا انْتَهَى سُلَيْمَانُ مِنَ الصَّلاَةِ نَزَلَتِ النَّارُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبَائِحَ وَمَلَأَ مَجْدُ الرَّبِّ الْبَيْتَ. وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَدْخُلُوا بَيْتَ الرَّبِّ لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلَأَ بَيْتَ الرَّبِّ» (2أي7: 1).

ولأن السيد المسيح هو رئيس الكهنة الأعظم فقال عنه معلمنا بولس الرسول «الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلًا عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ» (عب7: 27). وقال أيضًا عن أهمية تقديم السيد المسيح هذه الذبيحة كرئيس كهنة أعظم «لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا أَيْضًا شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ» (عب8: 3).

ثم نقول أيضًا لماذا تجسد الله الكلمة؟

قام الروح القدس بتكوين ناسوتًا كاملًا بلا خطية من العذراء مريم وجعله الله الكلمة واحدًا مع لاهوته، وفي نفس الوقت يقول للآب السماوي أنه هيّأ له جسدًا ليقدمه ذبيحة عن خطايانا. لهذا قال معلمنا بولس الرسول أيضًا: «لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. لِذَلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلَكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا. بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ. ثُمَّ قُلْتُ: هَئَنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ... فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عب10: 4-7، 10).

الذيــن يرفضـون عقيـدة الكفــارة يقـولون: "إن شــر الإنسـان لا يمكن أن يجرح كرامة الله، ولا يهينه. إذ كيـف للإنسان أن يمس كرامة الله، حتى لو فعل الإنسان كل ما في وسعه من شر!!؟" ونحن نجيب عليهم بأن خطية الإنسان لن تمس كرامة الله طالما يعلن الله غضبه ضد الخطية. أما إذا لم يعلن غضبه كقدوس ففي هذه الحالة –وهذا مستحيل- تكون كرامته قد أُهينت إذ لم تعلن قداسته المطلقة كرافض للشر. ولهذا فنحن نرى العدل والرحمة يتلاقيان بالصليب، وبهذا أُعلِنت قداسة الله العادل ومحبته في آنٍ واحد.

إننا نحذّر من التعاليم الغريبة والخطيرة التي تهدم عقيدة الفداء مثل الذين ينكرون عقيدة الكفارة والفداء والموت النيابي وإيفاء العدل الإلهي حقه بالصليب. فينبغي أن نثبت على تعليم الآباء القديسين القدامى «كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالًا مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ» (أف4: 14).



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx