اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

التسبيح

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش

ونحن نعيش في سهرات شهر كيهك، نتمتع بالتسبيح الذي هو عمل الكنيسة الأساسي ووظيفتها..

التسبيح جزء من طبيعة الكنيسة:

كما ورد في (أع2: 46، 47) «وكانوا كُلَّ يومٍ يواظِبونَ في الهَيكلِ بنَفسٍ واحِدَةٍ. وإذ هُم يَكسِرونَ الخُبزَ في البُيوتِ، كانوا يتَناوَلونَ الطَّعامَ بابتِهاجٍ وبَساطَةِ قَلبٍ، مُسَبِّحينَ اللهَ، ولهُمْ نِعمَةٌ لَدَى جميعِ الشَّعبِ. وكانَ الرَّبُّ كُلَّ يومٍ يَضُمُّ إلَى الكَنيسَةِ الّذينَ يَخلُصونَ». ومن هذا يتضح أن التسبيح نوع من التجلي الذي تعيشه الكنيسة كتعبير عن الخلاص الذي نالته، ورجائها الحي الذي يتفق مع مسار الأبدية السعيدة التي ننتظرها ونكمل حياتنا في طريقها. لذلك فكل نفس تحيا الملكوت وتسعى إليه تحب التسبيح، وتجد فيه لذة غير عادية لا يساويها شيء.

التسبيح ذبيحة مقدسة له علاقة بالقداس:

فالتسابيح تجعل الإنسان ذبيحة حية كما ورد في (رو12: 1) «فأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ برأفَةِ اللهِ أنْ تُقَدِّموا أجسادَكُمْ ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرضيَّةً عِندَ اللهِ، عِبادَتَكُمُ العَقليَّةَ (أي التسبيح)». ويصورها المزمور (141: 2) فيقول: «لتَستَقِمْ صَلاتي كالبَخورِ قُدّامَكَ. ليَكُنْ رَفعُ يَدَيَّ كذَبيحَةٍ مَسائيَّةٍ»، وهذا ما يؤهل الساهر المُسبِّح للتناول من جسد الرب ودمه في قداس بعد السهرة. وفرق كبير بين مَنْ يتناول بعد سهرة تسبيح وبدونها، لأن التسبيح مرتبط بالقداس الإلهي، إذ أن التسبيح يعمل على إعداد النفس المُسبِّحة لاستقبال الرب الملخص ملكًا على عرش القلب، إذ تتزين النفس لاقتناء سر التناول.

وهكذا عاش الآباء في البرية: يسهرون كل سبت حتى الصباح، وتنتهي سهرة التسبيح بالقداس، كصورة حقيقية لمن يركض في الميدان لينال النعمة الإلهية كمكافأة لهذا السعي الدؤب نحو الرب يسوع وتسبيحه بصفة دائمة مفرحة تقدس النفس وتُكرّس طاقات الإنسان لله.

ومن هنا كان اللقاء الحار بين مَنْ يقدم نفسه كذبيحة بالتسبيح وبين السيد المسيح كذبيحة حقيقية مُقَدَّمَهُ لأجل العالم كُلَّهِ.. فهذا هو موضوع التسبيح: محبه الله الذي منحنا الحياة بموته. ونجد في سفر الرؤيا ما يعبر عن تسابيح السمائيين نيابة عن البشر، فنجد في (رؤ5: 11-14) «مُستَحِقٌّ هو الخَروُفُ المَذبوحُ أنْ يأخُذَ القُدرَةَ والغِنَى والحِكمَةَ والقوَّةَ والكَرامَةَ والمَجدَ والبَرَكَةَ كُلُّ خَليقَةٍ مِمّا في السماءِ وعلَى الأرضِ وتَحتَ الأرضِ، وما علَى البحرِ، كُلُّ ما فيها، سمِعتُها قائلَةً: للجالِسِ علَى العَرشِ ولِلخَروفِ البَرَكَةُ والكَرامَةُ والمَجدُ والسُّلطانُ إلَى أبدِ الآبِدينَ. وكانتِ الحَيَواناتُ الأربَعَةُ تقولُ: آمينَ. والشُّيوخُ الأربَعَةُ والعِشرونَ خَرّوا وسَجَدوا للحَيِّ إلَى أبدِ الآبِدينَ»، وتقول أيضًا: «مُستَحِقٌّ أنتَ أنْ تأخُذَ السِّفرَ وتَفتَحَ خُتومَهُ، لأنَّكَ ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا للهِ بدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبيلَةٍ ولِسانٍ وشَعبٍ وأُمَّةٍ، وجَعَلتَنا لإلهِنا مُلوكًا وكهَنَةً، فسنَملِكُ علَى الأرضِ» (رؤ5: 9، 10).

هكذا نلتقي مع الملائكة في تسابيحهم، وبذلك ينفتح الوعي البشري على حقيقة الدخول إلى الحضرة الإلهية، وهذا يؤدي إلى أن تنسكب فينا محبة الله وعطفه وحنانه فيرفع القلب والفكر، واللسان يُعَبِّر عن هذه المشاعر الصادقة في معية الله كذبيحة شكر حقيقي من القلب.

لذلك تميل النفس للوقوف أمام الله بفرح وشعور بعدم استحقاق فيتمتع المُسبح بمراحم الله..



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx