اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

مركز الكتاب المقدس في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية
1- الكتاب المقدس هو كلام الله وفيه تاريخ البشرية

نيافة الأنبا موسى

15 ديسمبر 2017 - 6 كيهك 1734 ش

1- كلام الله:

حين يتكلم الله يجب أن ينصت الإنسان! وهو حين يتكلم إنما يعلن لنا أسراره المقدسة ومقاصده في الخليقة والتاريخ، وأعماله مع أولاده المطيعين لوصاياه. بل إننا من خلال كلام الله نتعرف على شخصه الحبيب المبارك، ووعوده الصادقة الأمينة، ونصائحه الغالية الخلاصية. من يستطيع أن يحيا بدون كلمة الله؟

1- إنها بالحقيقة «روح وحياة» (يو6: 63).

2- وهي غذاء الروح «ليس بالخُبزِ وحدَهُ يَحيا الإنسانُ، بل بكُل كلِمَةٍ تخرُجُ مِنْ فمِ اللهِ» (مت4:4).

3- وهي نور الطريق «سِراجٌ لرِجلي كلامُكَ ونورٌ لسَبيلي» (مز119: 105).

4- وهي السيف الحاد الذي به نبتر التعاليم الكاذبة «كلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وفَعّالَةٌ وأمضَى مِنْ كُل سيفٍ ذي حَدَّينِ» (عب4: 12).

5- ثم إنها سر الاغتسال والنقاوة، إذ يقول الرب: «أنتُمُ الآنَ أنقياءُ لسَبَبِ الكلامِ الذي كلَّمتُكُمْ بهِ» (يو15: 3).

6- الله يتكلم إلينا... فلننصت إليه!

7- الله يعلن لنا حبه... فلنشبع به!

8- الله يعلن لنا مقاصده... فلنتفهمها جيدًا!

9- الله يقدم لنا مواعيده... فلنتمسك بها!

10- كلام الله قوة، ترفع الضعيف وتشدده.

11- كلام الله نور، يرشد النفس السائرة في البرية.

12- كلام الله غذاء، يشبع القلب بحب المسيح والنفوس.

13- كلام الله سيف، يبتر التعاليم الغريبة ويفرزها.

2- هو تاريخ البشرية:

ففيه دراسة لتاريخ البشرية من بدايته إلى نهايته، وفيه نلمس معاملات الله مع النفس البشرية على اختلاف أحوالها وأنواعها. إنه مدرسة لأخذ الخبرات.

1- فمثلًا في سفر التكوين نتعرف على خبرة آدم وحواء في خطوات السقوط، وآثار الخطية ووعد الخلاص. وفي قصة قايين نتعرف على ضرورة وإمكانية النصرة على الخطية، وعلى خطورة الخضوع لصوت العدو. وفي إبراهيم نتعرف على معنى تبعية الرب في إيمان وثقة. وفي إسحق نثق في مواعيد الله الصالحة. وفي يعقوب نتعرف على خطورة التسرع والخداع والعاطفة، كما نتعرف على أسلوب التصالح مع الناس. ومن يوسف نتعرف على حنان الله إذ يدبّر خلاص الجميع. ومع يشوع نتعرف على سر النصرة في أريحا، وسر الهزيمة في عاي. وفي القضاة نرى أبطال إيمان، ونتعرف على بركات الطهارة، وخطورة الانحراف في شمشون... وهكذا وهكذا.

2- مدرسة واسعة متعددة المراحل، تبدأ في التكوين، وتنتهي في الرؤيا حيث صراع الكنيسة والشيطان، ونصرة الله النهائية. خبرات لا تنتهي نأخذها كعصارة جاهزة لبنياننا «نَحنُ الذينَ انتَهَتْ إلَينا أواخِرُ الدُّهورِ» (1كو10: 11).

نعم.. إن الكتاب المقدس هو كلام الله لنا لمنفعة حياتنا وخلاص نفوسنا.. وقديمًا علمونا : "يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب المقدس، ويوجد أعظم خطر على أعظم قديس يهمل الكتاب المقدس".


ولا يـُعيّــــــِر

فضيلة العطاء هي فضيلة رائعة، تجعل صاحبها محبوبًا من كلٍّ من السمائيين والأرضيين، إذ يتشبّه بإلهه الذي لم يبخل حتى بابنه على البشرية بل بذله لأجلنا أجمعين. لكنّ عطاءنا قد يذهب هباءً ويُحسَب في دفاتر السماء كرذيلة بدلًا من أن يُعَد فضيلة عندما يصاحبه التعيير. فيعقوب الرسول وضّح جليًا في صفات الله أنه: «يعطي بسخاء ولا يُعيِّر» (يع1: 5). وإذ عوَّدنا الوحي الإلهي على أن الكلمة الواحدة لا تُكتَب في الكتاب المقدس بغير غرض يخدم خلاصنا وتدبير نفوسنا، فلابد وأن يعقوب الرسول أضاف عبارة "لا يُعيِّر" من أجل التأكيد على أمر ما.

التعيير هو أن يشعر الشخص المعطي بأنه ذو فضل على المتلقّي، وأن يظل يذكِّره بهذا الفضل لكي يُشعِره باستمرار أنه مدين له بالكثير. وعلى الرغم من أن عطاء الله لنا هو غير محدود بمقدار لا محدوديته، وعلى الرغم من أن مديونيتنا لله هي مديونية حقيقية، إلّا أن رقّة قلب الله تجعله يتعفّف بشدة عن أن يعيّرنا بعطاياه التي لا تُقدَّر بثمن، أو أن يطالبنا بمقابل. إنه أمر حق أن «هبات الله ودعوته هي بلا ندامة» (رو11: 29). والدليل على ذلك أن خطايانا المتكاثرة لا تجعله يندم على عطاياه لنا فيعيّرنا بها، فهو «يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين» (مت5: 45). لعل هذا هو تعريف "الجود" أنه عطاء ذو صفتين: السخاء وعدم التعيير. لذلك أوصانا السيد المسيح في الموعظة على الجبل أن نتجنّب تلك الرذيلة بقوله: «أحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئًا» (لو6: 35).

هذا وتنتشر رذيلة التعيير بعد العطاء في كل من العلاقات الزوجية وعلاقات الآباء والأبناء، وتُعتبَر سُمًّا قاتلًا يسمّم العلاقات ويدمّرها. فشريك الحياة الذي يعطي من وقته وصحته ومقتنياته وأمواله لشريك حياته وأبنائه، إن شعر في قلبه بأنه يتفضّل عليهم بما لا يستحقون، وبأنهم مديونون له بالكثير، فإنه يكون ساقطًا في تلك الرذيلة كما قايين الذي شعر بأنه يتفضّل على الله بتقدماته فاكتفى بتقديم ثمار الأرض. إنه يفسد عطيته الرائعة تلك بشعوره الدائم بمديونية الجميع له وبأنه ضحّى بالكثير. وعادة ما يأتي التعيير بعد العطاء في صورة ألفاظ جارحة، واتهامات بالجحود ونكران الجميل، ومطالبة مستمرة بالتقدير والعرفان. وهذه كلها تفسد ليس فقط العطاء بل وتسمم العلاقات وتهدمها. بل وقد يمتد التعيير أيضًا ليشمل الله ذاته حيث يشعر المرء بأن الله مُطالَب في مقابل ما يقدمه أن يهبه خيراته وبركاته الأرضية والسمائية، وإن حدث أن دخل في ضيقة فإنه يشعر بالاستياء الشديد من الله الذي لم يحفظ له جميله وصنيعه معه!!!

والآن أريد أن أهمس في أذن كل أحد: كل عطايانا هي في الحقيقة ليست إلّا أشباه عطايا لأننا نعطي الله مما له، ونعطي الآخرين مما لله. إننا في واقع الأمر لا نمتلك شيئًا حتى نتفاخر بل ونعيّر بما أعطينا. فلا الزوج، ولا الأبناء، ولا الصحة، ولا العافية، ولا الوقت، ولا الأموال والمقتنيات، ولا العمر كله مِلكٌ لنا، بل هو جميعه مال ظلم قد ائتمنا عليه من قِبَل الله. بالتالي فإن التعيير بعد العطاء يُحسب كحماقة كبيرة تستوجب الندم والتوبة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx