اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون26 يناير 2018 - 18 طوبه 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

الشر الطبيعي

القمص بنيامين المحرقي

26 يناير 2018 - 18 طوبه 1734 ش

فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ (يون1: 4)

لابد أن نعلم أن الشر عمومًا لا يتفق مع إرادة الله، بينما يحدث الشر بسماح من الله. فالله خلق نظامًا طبيعيًا حُرًا يتضمّن احتمال حدوث الشرّ عرضيًا بسبب مخلوقاته. فلا يصحّ أن يُقال إن الشر الطبيعيّ (كالفيضانات والزلازل والبراكين) مصدره الله، فمن المؤكد أن طبيعة الله وقداسته لا تتفق مع الشر. ولكن الله سمح به. إن كان يونان قد هرب إلى البحر من صانع البحر نفسه، لهذا استدعاه الرب بلُغة جديدة ليثبت سلطانه المطلق على الطبيعة. صار الرب يحدثه بلغة الريح الشديدة والنوء العظيم والسفينة الفاقدة لاتزانها.

1) ارتباط الشر الطبيعي بالشر الأخلاقي: الشر الطبيعيّ يرتبط بالشر الأخلاقيّ الذي هو نتيجة للخطية، التي بسببها لُعِنت الأرض أيضًا، على أن الشر الطبيعيّ يخدم الصلاح، وهو وسيلة لعدالة الله وفعله الأبويّ والذي به يُعاقِب الله الإنسان أو يهذبه ويمسكه في دائرة الخير. فهناك علاقة وطيدة بين الشر وحالة الخطيئة الشاملة لكل الخليقة. يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم إن كان الله قد خلق العالم كله من أجل الإنسان ليحيا سيدًا فيه يحمل صورته الإلهية ومثاله، فإن فساد الإنسان انعكست آثاره حتى على الخليقة، وعندما سقط آدم جاء الحكم «مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ... وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ» (تك3: 17، 18). قاوم الإنسان إلهه، فأثمرت مقاومته مقاومة الخليقة له، لكنها حتى في هذه المقاومة كأنها تترجّى عودته إلى حضن الله كابن له، فتعود هي متهللة من أجل الإنسان الذي خُلِقت لأجله (تفسير رسالة القديس بولس إلى أهل رومية). الخطيئة الأولى أفقدت الإنسان سلطانه على الطبيعة: لقد كانت الحيوانات جميعها خاضعة للإنسان قبل السقوط، والدليل على تسلط الإنسان عليها هو أن: «دَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ» (تك2: 20). وكذلك قد تكلمت حواء مع الشيطان المختفي في الحية دون خوف. بينما ظهرت العداوة بين الحيوانات المفترسة والإنسان بعد سقوطه. ولكن بفقد الإنسان حالة البراءة، فقد سلطته وهيبته حتى أمام الحيوانات. ويؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على أن [محبة الله وعنايته غير الموصوفة بالإنسان حتى بعد الخطيئة من وجود حيوانات أليفة وغير مفترسة، فلم يجرّده من كلِّ كرامة ولم يحرمه من كل سلطة، إذ سمح فقط لبعض الحيوانات أن تصير خارج سلطانه، تلك الحيوانات التي لا تمثل احتياجًا حقيقيًا لحياته، بينما الحيوانات الأخرى الضرورية والمفيدة التي تمثل احتياجًا لحياتنا، أي الحيوانات التي تقدم لنا خدمات في معيشتنا فقد تركها تحت سيطرتنا، مثل قطعان الماشية التي نحرث ونجهز بها الأرض حتى ننثر البذور] (عظات على سفر التكوين).

2) الشر الطبيعي كعصا من الله للتأديب: عمل العناية الإلهية يتطلب أحيانًا استخدام عصا الرعاية من الله كراعٍ (مز23: 1؛ يو10: 11)؛ لمنع شرود الخراف عن القطيع. يقول القديس چيروم: [يُشير هروب يونان إلى حال الإنسان بوجه عام، فباحتقاره وصايا الرب هرب من وجهه وسلم نفسه للعالم فاشتد به نوء العالم ليغرق، عندئذ التزم بالتأمل في الله والرجوع إلى مَنْ هرب منه... كانت السفينة في خطر... والأمواج هائجة بواسطة الرياح... فإنه متى كان الرب غير راضٍ لا يكون شيء في أمان].

3 – الشر الطبيعي كقضاء الله العادل للخطيئة: يشرح لنا سفر الحكمة سبب سماح الله للحيوانات المفترسة أن تُخيف الإنسان، وهي أن جُهّال البشر عبدوا الحيوانات والحشرات، فكانت هي وسيلة لعقاب الإنسان: «ومما نثير العجب أن أعداء شعبك يعبدون من الحيوانات أقبحها لعدم قدرتها على الفهم، وعلى ما فيها من قباحة لا أحد يحبها، حتى إن الله نفسه استثناها من مديحه وبركته، فكان من الحق أن يُعاقَب أولئك الناس بأمثال تلك الحيوانات ويتعذبوا بحشد منها» (حك15: 8، 19، 16: 1). 



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx