اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون26 يناير 2018 - 18 طوبه 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

كرامة المَلِك أن يُحبّ العدل

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

26 يناير 2018 - 18 طوبه 1734 ش

جاءت هذه الآية البديعة في المزمور الثامن والتسعين، والذي نصلّيه في الساعة التاسعة من الأجبية، ويبدأ بعبارة: «الرب قد مَلَكَ فلترتعد الشعوب».. وهنا تؤكِّد الآية أنّ كرامة الملك ليست فقط في أن يحقّق العدالة، ربّما وهو متضرِّر، بل أن يُحبّ العدل..!

لعلّ غالبيتنا يعرفون الجملة الشهيرة المكتوبة في قاعات المحاكم فوق منصّة العدالة، والتي تقول: "العدل أساس المُلك".. فالحُكم بالعَدل هو أحد أهم دعائم استقرار أي نظام حُكم. ولكن للأسف أحيانًا يكون العدل غير مرغوب فيه من البعض لسبب منافع شخصيّة، وأحيانًا لأسباب عِرقيّة أو دينيّة.. فنجد الكيل بمكيالين، وإطلاق الأحكام طِبقًا للهويّة الدينية.. وفي النهاية عندما تهتزّ العدالة يهتزّ بالتأكيد سلام ونجاح أيّ مجتمع..

لذلك يلفت المزمور نظرنا إلى هذه الحقيقة الجميلة، أنّ كرامة الملك أو أي قائد أو مسئول هي ليست في الفخامة التي يعيش فيها، ولا في حجم السُّلطة التي تحت يده وعدد الأشخاص الذين يطيعونه، ولا في مهابة الناس له، ولا في مواهبه الكبيرة وسُمعته المُدَوّية.. بل كرامته في أن يحبّ العدل ويسعى لتحقيقه في نطاق مسئوليّته.. الأب والأم في بيتهما، والمدرِّس مع تلاميذه، والمهندس مع عُمّاله، والضابط مع جنوده، والكاهن مع رعيّته، وأي رئيس مع مرؤوسيه.. كلّ واحدٍ في حدود مسئوليّته..

+ الذي يحبّ العدل.. يستمع جيّدًا للناس ولا يتعالى عليهم، ويجتهد لكي يفهم وِجهات النظر الأخرى.

+ الذي يحبّ العدل.. يعترف بأخطائه، ولا يحاول أن يبرّرها، بل يعتذر عنها ويتحمّل مسئوليّتها، ويطلب المساعدة بتواضُع.

+ الذي يحبّ العدل.. لا يجامل أبدًا على حساب الحقّ، ولا يرضى بالظُّلم، بل يقول الحقيقة مهما كان الثمن.

+ الذي يحبّ العدل.. يبحث عن الحقيقة من كلّ جوانبها، ولا يتسرّع في إصدار الأحكام، بل يُسعِده أن يعرف الرأي الآخَر وخلفيّات الأمور، فيستطيع أنّ يَزِنَ الأمور بدِقّة ويقيّم المواقف بشكل سليم.

+ الذي يحبّ العدل.. يكره الكذب جدًّا، إذ يَعلَم أن تزييف الحقيقة هو سُوسٌ ينخر في الكيان، والنتيجة الحتميّة لذلك هي الانهيار والخراب.

+ الذي يحبّ العدل.. يهتمّ بكلّ أحد، ولاسيّما الفئات الضعيفة والمُهَمَّشة والتي لا تستطيع أن تطالب بحقّها..

+ الذي يحبّ العدل.. يخاف الله في كلّ تعاملاته، ويتحرّى الدِقّة، ويحرص على إرضاء ضميره بكلّ أمانة في جميع قراراته.

+ الذي يحبّ العدل.. ينتقي ألفاظه بعناية، لتعبّر عن الحقّ بكلّ دِقّة وموضوعيّة بدون زيادة أو نقصان، فلا يجرح أحدًا ولا يستخفّ بأحدٍ، ولا يؤذي مشاعر أي إنسان.

+ الذي يحبّ العدل.. لا يفرح بالإثم، بل يفرح بالحقّ (1كو13: 6)، ويجتهد بكلّ إمكانيّاته لنُصرة الحقّ وتحقيق العدالة.

+ الذي يحبّ العدل.. لا يتّخِذ موقفًا مُسْبَقًا من الناس لسبب اختلافه معهم في الدين أو اللغة أو الجنس أو اللون، بل يحترم إنسانيّة الإنسان، ويتواصَل مع الجميع بتواضُع، ويعطي لكلّ ذي حقٍّ حقَّهُ.

محبّة العدل هي الطريق للكرامة الحقيقيّة التي يطلبها أولاد الله.. فهي كرامة يهبها لهم الله، لأنّهم يسعون باجتهادٍ أن يكونوا متشبّهين بملك الملوك الذي وُصِفَ بأنّه عادل ومنصور ووديع (زك9:9)، متوسّلين له كلّ ليلة في مزمور صلاة نصف الليل قائلين: «عادلٌ أنت يارب وقضاؤك مستقيم. أوصيتَ كثيرًا بالعدل والحقّ.. أمِل قلبي إلى شهاداتك لا إلى الظُّلم.. لا تنزع من فمي قولَ الحقّ».




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx