اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

الصوم الكبير قانون وسلوك

قداسة البابا تواضروس الثانى

23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش

بدأت أيام الصوم الكبير الغنية في روحياتها والممارسات الكنسية فيها، والتي تأتي مرة واحدة كل عام، نقدم فيها توبتنا الجماعية بالهدوء، والسكون، والصمت، والنُسك، والتقشُّف، وفحص النفس، وتنقية القلب، والدخول إلى الأعماق، بهدف أن يكون الإنسان "إنسان الله". وكما قال القديس مار إسحق السرياني فإن الصوم "هو تقديم كل الفضائل، وبداية المعركة، وتاج المسيحية، وجمال البتولية، وحفظ العفّة، وأبو الصلاة، ونبع الهدوء، ومعلّم السكوت، وبشير الخيرات". والكتاب المقدس يزخر باللذين صاموا قبلًا أمثال: موسى النبي (خر34: 28) – داود النبي (2صم1: 11) – أخاب الملك (1مل21: 27) – عزرا (10: 6) – نحميا (1: 3) – استير (4: 1) – دانيال (9: 3) – أهل نينوى (يون3: 5-9) – حنّة النبية (لو2: 37) – بولس الرسول (أع9:9) – بطرس الرسول (أع10:10) – الرسل (أع13: 2) – كرنيليوس (أع10: 3) – والسيد المسيح (متى 4: 2).

وهذا الصوم المقدس الذي يمتد إلى 47 يومًا ويلحقه أسبوع الآلام، ولكن يسبقه وبنفس الطقس الكنسي 3 أيام صوم يونان ونينوى؛ يُعتبَر بالمعنى الرمزي خزينًا روحيًا لمسيرة الإنسان الروحية خلال العام. ولذا وضعت له الكنيسة طقوسًا وألحانًا متميزة، وصار له قانون نقرأه في إنجيل قداس الرفاع، وصار له سلوك نقرأه أيضًا في الكاثوليكون في قداس الرفاع.

أولًا: قانون الصوم نقرأ عنه في (مت6:6)

«أمّا أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصَلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية».

والمقصود بالقانون أنه نظام الحياة أثناء الصوم، ويعتمد على خطوتين: الأولى: "ادخل إلى مخدعك"، أي إلى قلبك الداخلي الذي لا يراه إلّا الله، واجتهد في تنقية هذا القلب الذي سوف تقدمه لله عندما تقف أمامه. والثانية: "اغلق بابك"، أي أغلق فمك عن الطعام والكلام، واجتهد أن يكون حديثك مع الله أكثر وأكثر، وطعامك مثل طعام الفردوس حيث النباتات، وفترات الخلوة الصائمة بالانقطاع عددًا من الساعات كل يوم.

يقول القديس باسيليوس الكبير: "الصوم الحقيقي هو ضبط اللسان، وإمساك الغضب، وقهر الشهوات".

ثانيًا: سلوك الصوم:

نقرأ عنه في (رسالة بطرس الثانية 1: 5-7)، حيث يقدم لنا سلوكيات الصوم المبنية على الإيمان، والهادفة إلى أن يكون الإنسان "إنسان المحبة"، وبالترتيب التالي:

أ- قدسوا في إيمانكم فضيلة: الإيمان إحساس غير منظور، ولكن يُعبَّر عنه بالفضيلة التي يعيشها الإنسان، وتظهر في سلوكه اليومي مثل الوداعة والتسامح والقلب المنفتح والمعتدل.

ب- وفي الفضيلة معرفة: نعيش الفضيلة ونمارسها بمعرفة حقيقية والتي نستقيها من الوصايا الكتابية التي هي ينابيع المعرفة الصادقة في كلا العهدين، ولذلك نقرأ النبوات والمزامير والأناجيل والرسائل عبر أيام الصوم يوميًا.

جـ- وفي المعرفة تعفُّفًا: والتعفُّف هو الانضباط الذي نمارسه في نقاوة ووقار، فلا يهم الفم فقط بل والعين والأذن والسمع وكل أعضاء الجسد، كما يقول يوحنا ذهبي الفم. وكل هذا عن وعي وإدراك لكي تسمو الروح فوق الجسد.

ء- وفي التعفف صبرًا: عامل الوقت أحد عوامل استقرار الحياة الروحية وثباتها. وهذا يحتاج الصبر الذي به نقتني نفوسنا التي اشتراها المسيح بدمه الكريم على عود الصليب.

هـ- وفي الصبر تقوى: التقوى تعني المخافة القلبية التي قال عنها داود النبي: «جعلتُ الرب أمامي في كل حين، إنه عن يميني فلا أتزعزع». المخافة هي التي تحرسنا من الخطية بكل أشكالها، ومن خلال الصبر تكون المخافة الحاضرة في كل ما نمارسه في حياتنا.

و- وفي التقوى المودة الأخوية: ونعمة المودة الأخوية والتي تجعل من الآخرين أقرباء وأحباء لنا مهما كانت درجات الاختلاف والتنوع معهم. المودة هي أن تكون ودودًا لطيفًا وديًا ومتواضع القلب مع الجميع.

ز- وفي المودة الأخوية محبة: وهي لباس الكمال بحسب تعبير بولس الرسول: «وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال» (كو3: 14).

وهكذا تكون سلوكيات الصوم حيث تمتلئ حياة الإنسان بالمحبة الكاملة، والتي تفيض منه لكل أحد بلا توقف.

كل صوم وأنتم جميعًا طيبين.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx