اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

المغفِرَة وَاللهُ الغفوُر

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش

نحن يا إخوتي كلنا خطاة. وكما قال القديس يوحنا الرسول «إن قلنا إنه ليست لنا خطية، نضل أنفسنا وليس الحق فينا» (1يو1: 8). ومادامت لنا خطايا، فنحن نحتاج إذًا إلى المغفرة. وهكذا فإننا نطلب المغفرة في كل يوم، قائلين في الصلاة «أغفر لنا ذنوبنا.. » حسب ما أوصانا الرب أن نقول. وفي كل هذا نعتمد على الله الغفور...

الله الغفور:

+ ورد في سفر إشعياء النبي «هلمَ نتحاجج – يقول الرب – إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضَ كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير بيضاء كالصوف» (إش1: 18).

+ ويقول في سفر حزقيال النبي «إذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي وفعل حقًا وعدلاً، فيحاة يحيا، لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه. في بره الذي عمل يحيا» (حز18: 21، 22).

+ وداود النبي يشهد في المزمور فيقول «باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته – الذي يغفر جميع ذنوبك.. الذي يفدي من الحفرة حياتك» (مز103: 2، 3). ويقول أيضًا «الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض، قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا. كما يترأف الأب على البنين، يترأف الرب على خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن» (مز103: 8-14).

+ والرب يغفر لأن هذه هي طبيعته: المحبة والرحمة. وأيضًا لأنه يقول: «هل مسرة أسرَ بموت الشرير – يقول الرب – إلا برجوعه عن طرقه فيحيا» (حز18: 23).

+ إنه لم يغفر فقط، وإنما أعطى سلطان المغفرة لكهنته، فقال «من غفرتم خطاياه تغفر له» (يو20: 23) «وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت18:18). بل وأمر الناس أيضًا أن يغفروا بعضهم لبعض. وقال «اغفروا يُغفر لكم» (لو6: 37). وحذّر من عدم المفغرة قائلاً «إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم زلاتكم» (مت6: 15). ولما سأله بطرس الرسول «كم مرة يارب يخطئ إلىّ أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟» أجاب الرب «لا أقول لك إلى سبع مرات، بل إلى سبعين مرة سبع مرات» (مت18: 21، 22) أى ما لا يُحصى من المرات.

أمثلة للمَغفرة:

+ لقد غفر الرب لأهل نينوى بعد أن كان قد حكم عليهم بالهلاك. ويقول الكتاب في هذا «فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم، فلم يصنعه» (يون3: 10). وقال ليونان النبي «أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة..؟» (4: 11).

+ وغفر الرب لزكا العشار، ودخل بيته غير مبالٍ بتذمر اليهود لأنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. بل قال «اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضًا ابن لإبراهيم» (لو19: 5-9).

وبالمثل كان يحضر وليمة للعشارين. فلما تذمر الفريسيون، قال لهم «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. فأذهبوا وتعلّموا ما هو: إني أريد رحمة لا ذبيحة. لأني لم أتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة» (مت9: 10-13).

+ ولقد غفر الرب للص اليمين المصلوب معه، وأعطاه وعدًا بالدخول إلى الفردوس قائلاً له: «الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس» (لو23: 43). أى أنه غفر لهذا اللص الذي قضى كل حياته في الشر، ونال الوعد بالخلاص في آخر ساعات حياته.

+ وغفر الرب لكثير من النساء: للمرأة التي بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، وفضّلها على الفريسي وقال «إن خطاياها الكثيرة قد غُفرت لها لأنها أحبت كثيرًا» (لو7: 36-46). وغفر للمرأة الزانية المضبوطة في ذات الفعل، التي أراد الكتبة والفريسيون رجمها حسب شريعة موسى. فوبخهم الرب قائلاً «من كان منكم بلا خطية فليَرمها بأول حجر» ولما صرفهم عنها، قال لها «أين المشتكون عليك؟ أما دانك أحد.. وأنا أيضًا لا أدينك. أذهبي ولا تخطئي أيضًا» (يو8: 3-11). وغفر أيضًا للسامرية التي أخطأت مع خمسة رجال، والذي كان معها وقتذاك لم يكن لها. وحدثها عن الماء الحى، وعن السجود لله بالروح والحق. فصارت مبشرة لأهل مدينتها (يو4: 6-29).

+ وغفر الله للذين في السبى، وأرجعهم منه. وغفر ليهوشع الكاهن العظيم وجعل ملاكه يوبخ الشيطان المقاوم له ويقول له «لينتهرك الرب أيها الشيطان، لينتهرك الرب. أليس هذا شعلة مُنتشلة من النار». وبعد أن كان يهوشع بملابس قذرة، قال له: أنظر، قد أذهبت عنك آثمك، وألبسك ملابس مزخرفة، وألبسوه عمامة طاهرة (زك3).

+ وحكى لنا عن قصة الابن الضال الذي رجع، فقبله الآب وذبح له العجل المُسمَّن، وألبسه الحلة الأولى وقال «نفرح لأن ابني هذا كان متيًا فعاش، وكان ضالاً فوُجد» (لو15: 21-24). وقال الرب «هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب، أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة» (لو15: 7).

+ ومن أمثلة مغفرته: أنه غفر لبطرس الذي أنكره 3 مرات وسب ولعن وقال لا أعرف الرجل. ولكن الرب غفر له ذلك وقال له «أرعَ غنمي. أرعَ خرافي» (يو21: 15-18). كذلك غفر لشاول الطرسوسي الذي كان مُضطهِدًا للكنيسة، ويجر رجالاً ونساءً إلى السجن. فظهر له الرب في طريق دمشق، ودعاه إليه، وجعله رسولاً للأمم، ومنحه نعمة كبيرة (أع9). وأيضًا غفر لتوما الذي شكَ في قيامته، وظهر له وأزال شكوكه. كما غفر لكل التلاميذ الذين هربوا أثناء القبض عليه. فلم يعاتبهم على ذلك، بل ظهر لهم بعد القيامة، وقال لهم «كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا» ومنحهم الروح القدس وسلطان الكهنوت (يو20: 19-23).

+ نلاحظ أيضًا أن الرب غفر لداود الذي زنى وقتل. ولكنه لما قال «أخطأت إلى الرب» قيل له: «والرب قد نقل عنك خطيئتك. لا تموت» (2صم12: 13). بل أكثر من هذا: حينما أخطأ سليمان وقرر له أن يمزق مملكته، قال له الرب «إلا أني لا أفعل ذلك في أيامك من أجل داود عبدي. بل من يد ابنك أمزقها» (1مل11: 12).

مَعنى المغفرة:

ليس معنى المغفرة تنازل الرب عن عقوبتها، وإلا فإن ذلك يعتبر نقصًا في عدل الله، ونقضًا لقوله «النفس التي تخطئ هي تموت» (حز18: 20). إنما مغفرة الخطية معناها نقلها إلى حساب المسيح، الذي يتألم عنها ويموت، ويمحو هذه الخطية بدمه. ونقل الخطية واضح في مغفرة خطية داود، إذ قيل له «الرب نقل عنك خطيئتك، لا تموت» (2صم12: 13). والأمر واضح أيضًا في نبوءة إشعياء النبي عن آلام المسيح، قوله: «هو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا.. كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إش53: 5، 6).

مَا يصاحب المغفرَة:

مع المغفرة يستر الرب الخاطئ، ويمحو إثمه، ولا يعود يحاسبه على ما أخطأ به. بل أيضًا لا يذكر خطيته بعد. وينال الخاطئ تطهيرًا له من خطاياه. ويغسله الرب فيبيضَ كالثلج أو أكثر من الثلج. وهذا كله واضح في المزامير والنبوءات وتعليم الإنجيل كما سنرى..

+ ففي (مز32: 1، 2) «طوبى لمن غُفر إثمه، وسترت خطيته. طوبى لإنسان لا يحسب له الرب خطية». وفي المزمور الخمسين «أغسلني كثيرًا من إثمي، ومن خطيئتي تطهرني»، وأيضًا «مثل كثرة رأفاتك تمحو إثمي».

+ وفي (2كو5: 19) «الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم».

+ وفي (حز 18: 22) «لأني أصفح عن خطاياهم. ولا أذكر خطيتهم بعد».

+ وفي (إش1: 18) «إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيضَ كالثلج» على أنه في المزمور الخمسين يقول «أبيض أكثر من الثلج».

التوبَة وشروطها:

+ التوبة مهمة جدًا للمغفرة. وفي ذلك قال الرب «إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون» (لو13: 3، 5). وقيل في سفر الأعمال إن الله أعطى الأمم التوبة للحياة (أع11: 18). وقال الرب كثيرًا «أرجعوا إليّ فأرجع إليكم». وركّز في أسفار الأنبياء على أن ترجعوا بكل قلوبكم، ومعنى هذا إن الإنسان لا يعرّج بين الفرقتين، بين الله والخطية.

+ ومن شروط المعفرة أن نغفر للآخرين. فقال «إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم زلاتكم» (مت6: 15).

+ ومن شروط التوبة للمغفرة: أن يصلح التائب نتائج خطيئته على قدر الإمكان. وفي ذلك قال زكا في توبته «وإن كنت ظلمت أحدًا في شئ، أردّ أربعة أضعاف» (لو19: 8). فالسارق الذي يتوب، عليه أن يرد ماسرقه. والظالم في توبته يجب أن يرفع ظلمه. ومن أساء إلى سمعة إنسان، عليه أن يرد له اعتباره.

+ أخيرًا يقول الكتاب «إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم» (عب3: 7، 8).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx