اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

شركاء الطبيعة الالهية

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش

في إيماننا الأرثوذكسي، نحتاج أن نفهم ونعي العديد من الإيمانيات، ببساطة وعمق في نفس الوقت. فالبعض قد يظن أننا يجب أن نحيا فقط بالإيمان البسيط دون فهم، إلّا أن أمانتنا تجاه كنيستنا هو أن نفهم إيمانها ونحفظه، ونعيش به. فالبعض يظن أنه يكفي ان نمارس العبادة بحب لله دون أن نفهم تفاصيل إيماننا وعقيدتنا، لكن الكتاب يعلمنا ان نحفظ وديعة الإيمان كما تسلمناها. لذلك أحب أن أكلمكم اليوم عن أحد المفاهيم الإيمانية الهامة..

مفهوم «شركاء الطبيعة الإلهية».. ورد هذا التعبير في رسالة معلمنا بطرس الرسول الثانية (ص1: 1- 4): «سِمعانُ بُطرُسُ عَبدُ يَسوعَ المَسيحِ ورَسولُهُ، إلَى الّذينَ نالوا معنا إيمانًا ثَمينًا مُساويًا لنا، ببِرِّ إلهِنا والمُخَلِّصِ يَسوعَ المَسيحِ: لتَكثُرْ لكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ بمَعرِفَةِ اللهِ ويَسوعَ رَبِّنا. كما أنَّ قُدرَتَهُ الإلهيَّةَ قد وهَبَتْ لنا كُلَّ ما هو للحياةِ والتَّقوَى، بمَعرِفَةِ الّذي دَعانا بالمَجدِ والفَضيلَةِ، اللَّذَينِ بهِما قد وهَبَ لنا المَواعيدَ العُظمَى والثَّمينَةَ، لكَيْ تصيروا بها شُرَكاءَ الطَّبيعَةِ الإلهيَّةِ، هارِبينَ مِنَ الفَسادِ الّذي في العالَمِ بالشَّهوَةِ».

ويعلّم البعض أن هذا التعبير يعني أن الله في العهد الجديد قد وهبنا أن نكون شركاء له في الطبيعة اللاهوتية، أي أننا بالإيمان نصير كآلهة!! وبهذا يمتلئ العالم بمليارات الآلهة!! وهو مفهوم مغلوط وغير صحيح، لا نقبله في كنيستنا، فإيماننا الأرثوذكسي لا يفهم الآية هكذا.. لكننا نعرف أن شركتنا في الطبيعة الإلهية لا تعني مطلقًا أننا ننال مجد الألوهة، فالله يغار علي مجده وهو لا يعطيه لآخر، لكن كلمات معلمنا بطرس تعني أننا بهذه الطبيعة الجديدة التي يهبها لنا الرب في العهد الجديد، نصير شركاء مع الله في المجد والفضيلة لا في الطبيعة اللاهوتية..

وماذا تعني أننا شركاء في المجد؟ نحن شركاء مع الله في المجد أي في مجد العمل «نَحنُ عامِلونَ معهُ» (2كو6: 1)، لذلك كان الآباء الرسل يرسلون للكنائس قائلين: «رأى الرّوحُ القُدُسُ ونَحنُ...» (أع15: 28). فنحن شركاء الله في مجد العمل عندما نمجّد الله بخدمتنا.. فالكهنوت له مجد، لكن مجد الكهنوت مأخوذ من مجد السيد المسيح الذي قال: «إنْ كانَ أحَدٌ يَخدِمُني فليَتبَعني، وحَيثُ أكونُ أنا هناكَ أيضًا يكونُ خادِمي» (يو12: 26).

نحن أيضًا شركاء الله في الفضيلة.. وماذا تعني هذه الشركة؟

تعني أننا نستطيع أن نأخذ من صفات الله الغير محدودة، ونتعلم منها لنقتني لنا فضائل روحية.. فالله محب ويمكننا أن نكون شركاء لله في المحبة.. لكن تبقي محبة الله غير محدودة، فهي لكل البشر في كل مكان وزمان، دون شرط أو قيد، لذلك نسمّيه محب البشر، أمّا محبتنا نحن فقد تكون محدودة بحدود معرفتنا ونطاق حياتنا..

بالمثل أيضًا يمكننا أن نشترك مع الله في فضيلة الرحمة، فنرحم الفقراء.. ونسامح المسيئين، وقد نرحم حتى الأعداء فلا ننتقم لنفوسنا منهم، وبهذا نصير شركاء الله في فضيلة الرحمة.

وهكذا أيضًا قد نقتني فضيلة المعرفة، لكن هذا أيضًا لا يجعلنا شركاء في طبيعة الله، فالله كليّ المعرفة وليس لعلمه حدود، أمّا نحن فمعرفتنا مهما اتسعت فهي معرفة محدودة بحدود العقل الإنساني المحدود.

لذلك فتعبير «شركاء الطبيعة الإلهية» في الأرثوذكسية لا يعني أننا صرنا شركاء في الطبيعة اللاهوتية بمعنى أننا نصير كآلهة، بل تعني أننا نصير شركاء لله في مجد العمل وشركة الفضائل...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx