اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

الكتاب المقدس والإنسان المعاصر (2)
الإيمان بالله والعقل الإنساني

نيافة الأنبا موسى

09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش

ذكرنا في العدد الماضي أن حاجات الإنسان المعاصر هي: 1- المعرفة. 2- المرجعية. 3- الخلاص. 4- الخلود.

وهذه الاحتياجات الأربعة يستحيل إشباعها إلّا من خلال الكتاب المقدس... وذكرنا منها 1- الحاجة إلى المعرفة.. ونستكمل حديثنا حول:

2- الحاجة إلى المرجعية:

إنه احتياج نفسي هام، واحتياج حياتي لا غنى عنه!! فالإنسان لديه احتياجات نفسية هامة مثل: الحاجة إلى الحب، والأمن، والتقدير، والنجاح، والخصوصية، والانتماء... وكذلك الحاجة إلى المرجعية! أي أن يكون له مرجع يرجع إليه في كل خطوات وتفاصيل حياته، في الحاضر، والمستقبل..

ويرى الدارسون أن الإنسان عَبَر على ثلاث مراحل في موضوع المرجعية، وهي:

1- مرحلة التدين الأخلاقي: وتواكب عصر الزراعة، وفيها كان المرجع هو التدين، وهو الله. وعاش الإنسان في إيمان بالقوة العظمى الإلهية، التي تُسقِط الأمطار، وتصنع الأنهار، وتنمّي البذار، وتشبع حاجات الإنسان الأساسية. وكان الله هو "الحقيقة المطلقة Absolute Reality" رغم كل التشويهات التي حدثت من الوثنية (حيث لم يفهموا الله حسنًا، وتجاهلوا صوت الله داخلهم، وتجليات الله في الكون، والتقليد الشفاهي الموروث)، وكذلك في العصور الوسطى حيث تحكم الدين في السياسة، وصار الإمبراطور خاضعًا للبابا في الفاتيكان، مما أحدث ثورة مقابلة هي البروتستانتية، حيث أرادت ألمانيا أن تتخلص من نير روما، فجاءت التفسيرات المتحررة من التقليد الكنسي، والتسليم الآبائي، حتى وصلنا إلى مدارس نقد الكتاب.. وهذا ما تواكب مع المرحلة الثانية وهي:

2- مرحلة الحداثة (Modernism): وتواكب عصر الصناعة، حيث بدأ الإنسان يؤلّه عقله، ويترك الله والإيمان، ويرى في العلم بديلًا للدين، فها هو يصنع السيارة والطيارة والماكينة والقطار... وها هو يرى في عقله إمكانيات خلّاقة، فأصبح هو المرجع الأول والأخير لنفسه، فما يقول به العقل، هو المقبول، وما لا يتفق مع العقل (علميًا وحسِّيًا وفحصًا) فهو غير مقبول. ونسى إنسان هذا العصر أن الله هو الذي خلق العقل، كوزنة يجب أن تمجده، وأن المنجزات العلمية فيها ومضة glimpse من فوق، تنير العقل، وتلهمه بالصواب. فكل البشرية منذ آدم كانت ترى الثمار تسقط من الأشجار، لكن ومضة أشرقت في ذهن نيوتن، فاكتشف قانون الجاذبية الأرضية! وكل الناس شاهدت غطاء البراد يهتز بقوة البخار، لكن جيمس واط وحده الذي رأى في البخار قوة تسيِّر القطار!

لهذا قال نيوتن حين سُئِل عن شعوره وهو يكتشف قوانين الطبيعة التي غيَّرت وجه الحياة على الأرض: "كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم"، كما قال أينشتاين: "كلما ازددت علمًا، ازددت إحساسًا بالجهالة!!"، فكلما وجد حلًا لمشكلة، ظهرت أمامه مشاكل أخرى كثيرة!!

إن العلم السليم يدعم الإيمان السليم. فالعلم مثل العين المجردة، والإيمان مثل التلسكوب، لا غنى لأحدهما عن الآخر. وبالإيمان يستنير العقل... «بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقِنت بكلمة الله» (عب11: 3). الإيمان لا يصادر العقل، ولكنه فوق العقل. «وأنا أؤمن لكي أتعقّل»... هكذا قال القديس أغسطينوس.  


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx