إنه إنجيل الأحد السادس من آحاد الصوم الكبير، الذي فيه خلق الرب عينين للمولود أعمى، وتحول الأعمى إلى بصير. والعجيب أن المولود أعمي كان فاقدًا للبصر ولكن كان قلبه بصيرًا، واليهود كانوا مبصرين ولكن قلوبهم كفيفة، رأوا هذه المعجزة الجبارة ولكنهم لم يؤمنوا أو يمجدوا الله.
لذلك نود ان نتكلم عن: من هو الأعمى ومن هو البصير؟!
ليس الأعمى هو من ليس له بصر، ولكنه هو من ليس له بصيرة، إنه ذلك الإنسان:
1) الذي يرى الطبيعة البديعة ولكنه لا يؤمن بخالقها ويمجده «لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ ولاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ» (رو1: 20).
2) الذي له عينين ولكنه لا يستخدمها في الخير، فهو لا يقرأ ما هو نافع وبنّاء ومفيد، يرى الكتاب المقدس والأجبية والإبصلمودية والكتب الروحية ولا يفتحها ولا يقرأ فيها.
3) الذي له عينين تريان الحق ولا تشهدان له، يدّعي بالباطل على الناس، لا يعترف بما رآه، وينشر ما لا يراه.
4) الذي له عينين ويرى الفقراء والمحتاجين ولا يفكر فيهم ولا يشعر بهم ليساعدهم.
5) الذي له عينين ولا يستطيع أن يميز بين الخير والشر.
6) الذي له عينين ولا يرى إلّا عيوب الآخرين، أمّا أخطاؤه فلا يراها.
7) الذي له عينين ولكن لا يستطيع التحكم فيهما، فيتركهما لشهوة الأشخاص والأشياء، وللحقد على نجاح الآخرين، وللتعالي والكبرياء على الناس، وللتلصُّص ومحاولة معرفة أسرار الناس، والنظر لما هو في أيدي الناس، وعدم الشكر علي ما هو فيه.
ولكن هل لهؤلاء عذرٌ؟؟! اسمعوا رب المجد يقول: «لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلَكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ» (يو9: 41).
ولكن لكي نبصر علينا أن نحيا في الإيمان، فالإيمان يجعل الإنسان بصيرًا ليرى ما لا يُرى، وكذلك حياة التوبة التي تعيد الإنسان للنور بعد انفصاله عنه بالخطية، وبالمحبة نثبت في النور «مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ» (1يو2: 10، 11). وبوسائط النعمة نقترب من الله ونثبت فيه والله هو نور، ومن ينفصل عنه ينفصل عن النور، ومن يعود إليه يعود إلي النور ويقول مع المولود أعمى «كنتُ أعمى والآن أبصر».
ليعطنا الرب العين البصيرة... آمين.