اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

أرض الميراث

نيافة الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار

09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش

«بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ، أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثاً، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي» (عب11: 8).

خرج أبو الآباء إبراهيم من أرضه ومن عشيرته حسب أمر الله، وتغرَّب حتى في أرض الموعد التي وعده الله بها، فصار وارثاً للمواعيد الإلهية: «بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِناً فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهَذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ» (عب11: 9).

وخرج القديس أنطونيوس من قرية قمن العروس، ووزَّع كلَّ أمواله، فصار اللهُ ميراثه: «فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ» (رو8: 17). وهكذا سلَّم آباء الرهبنة لأولادهم هذا الميراث، أن لا يكون لهم ميراثٌ أرضي، ليكونوا وارثين مع المسيح. حتى إن آباء الرهبنة كانوا يرفضون مجرد تقبُّل العزاء في انتقال أحد أقاربهم الجسديين، متيقنين أنهم بعد اعتزالهم العالم أصبحوا ينتمون للوطن السماوي الذي لن يموت ساكنوه: [أُخبر أحدُ الرهبان أن أباه قد مات، فأجاب الذي أتاه بالخبرِ قائلاً: «كُفَّ عن التجديف، فإن أبي لا يموت»] (بستان الرهبان قول 313).

وهذا هو الميراث الذي سلَّمه القديس أرسانيوس لأولاده: [دفعةً أتى إليه رجلٌ يُدعى جسريانوس بوصيةٍ من رجلٍ شريف من جنسِهِ مات وأوصى له بمالٍ كثيرٍ جدًّا. فلما علم القديسُ بذلك همَّ بتمزيقِ الوصية، فوقع جسريانوس على قدميه وطلب إليه ألا يمزقها وإلا فرأسه عِوَضَها. فقال له القديسُ: «أنا قد متُّ منذ زمانٍ، وذاك مات أيضاً». وبذلك صرفه ولم يأخذ منه ولا فلساً واحداً] (بستان الرهبان قول 115).

إن الحكمة من وراء عدم قبول ميراث الأهل، هو المبدأ الرهباني الأساسي للفقر الاختياري، أو ما يُسمى في الرهبنة عدم القنية، أي لا يقتني الراهب شيئاً من أموال العالم، حتى ولو بحجة مساعدة الفقراء، فمن تعاليم القديس إشعياء الإسقيطي للرهبان المبتدئين: [لا نظنَّ أننا نرثُ ملكوتَ السماوات ونحن بين العالم. فلا يُوَسوِسُ لنا الشيطانُ أفكاراً رديئةً هكذا قائلاً: اِجْمع حتى تستطيع أن تعمل صدقةً. لنعلم أن من لم يشأ أن يصنع رحمةً من فَلْسٍ واحدٍ فلن يعملَ رحمةً من ألفِ دينار. لا يليق بنا أن نفعل ذلك يا إخوتي، لأن هذه الأمور هي من عمل العَلمانيين. إن الله لا يريدُنا نحن الرهبان أن نقتني ذهباً أو فضةً أو ملابس أو أموراً دنيوية، لأن الربَّ أوصى قائلاً: انظروا إلى طيورِ السماء، فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تُخزِّن في الأهراء، وأبوكم السماويُّ يقوتها. إن الراهب المقتني ذهباً وفضةً لا يَثِقُ بأن الله قادرٌ على أن يعولَه. وإن كان لا يعولُه فلن يعطيه مُلكه] (بستان الرهبان قول 318)




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx