اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

لتنبت الأرض عشباً

القمص بيشوي بطرس بطرس كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس بدسوق

09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش

مع بداية أيام الخلق خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض جسماً مشتعلاً بلا شكل محدد محاطاً بالغمر حسب نص الكتاب "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ" (تك 1 : 1 – 2) ولكن بدأ الله في إعداد الأرض من خلال مراحل متتالية بعد إنفصالها عن الجسم المشتعل و بدأت في البرودة التدريجية وإنقشعت الأبخرة التي حولها (الغمر) و بدأ الضوء – دعامة الحياة – في المرور إلى الأرض وفي النصف الأول من اليوم الثالث تجمعت المياة وظهرت اليابسة وهنا أصبحت الأرض جاهزة لظهور النبات .. ولكن لماذا النبات في هذه المرحلة بالتحديد من أيام الخلق ؟ .. الأمر يرجع لعدة أسباب أولها :: الطعام : فالنبات بالنسبة للإنسان يمثل الطعام الرئيسي، بل وبالنسبة للإنسان الأول فهو الطعام الوحيد كما يتضح من نص الكتاب في : (تك29:1) " وَقَالَ اللهُ : "إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْراً عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْراً لَكُمْ يَكُونُ طَعَاماً."  . وأيضاً هو يمثل الطعام الأساسي للحيوان والطيور كما يعلن الكتاب المقدس في : (تك30:1) " وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَاماً "  و نلاحظ أنه ذكر أولاً : عشباً  ثانياً :: بقلاً يبذر بذراً  ثالثاً :: شجراً يثمر ثمراً .. بمعنى أنه تكلم عن خلقه النباتات التي ليس بها بذور (عشباً) ثم التي بها بذور (بقلاً) ثم الأشجار .. وهي عبارة رغم بساطة التعبير فيها .. إلا أنها تتفق تماماً مع العلم ... الذي أكد أن بداية أصل النباتات هي النباتات التي بلا بذور ثم التي بها بذور و يسموها (النباتات الحقلية) ثم الأشجار المثمرة .. وكان من الممكن أن يذكر موسى النبي الأشجار أولاً لأهميتها بالنسبة له .. لأنها تعطي ثمراً لطعامه .. و لكن الترتيب هنا لابد أن يتفق مع الترتيب الزمني للخلق و ليس حسب ترتيب الأهمية . السبب الثاني هو :: تجديد الهواء : نحن نعلم أنه بعد استقرار الأرض ثبتت نسبة الأكسجين في الجو، ولكن ماذا يكون الوضع بعد خلق النباتات والحيوانات، والتي تقوم عملية البناء والهدم فيها أساساً على الأكسجين  Oxygen حيث يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء ، وأحياناً إلى أول أكسيد كربون؟  فكيف تستمر الحياة مع استنزاف الأكسجين من الجو؟! كان لابد من معمل كبير لإنتاج الأكسجين للمحافظة على نسبته في الجو وللحفاظ على استمرارية الحياة.  ولكن الله لم يخلق معملاً واحداً، بل عدد لا يحصى من المعامل في كل نبات أخضر.. فخلق معملا متكاملاً في كل خلية حية خضراء صغيرة مهما صغر حجمها. وهذا المعمل رغم صغره قادر على إنتاج الأكسجين ، وذلك عن طريق عملية التمثيل الكلوروفيلي بواسطة الضوء والمادة النباتية الخضراء (الكلوروفيل) Chlorophyll. ومن هنا نرى قوة الآية : "الْمُنْبِتُ عُشْباً لِلْبَهَائِمِ وَخُضْرَةً لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ" (مز14:104).  فعبارة "خضره" هنا تعني اللون الأخضر في النبات وهي تشير إلى  عملية التمثيل الكلوروفيلي ويتضح ذلك لعدة أسباب : 1- ذكرت عبارة خضرة وليس عشب أو نبات . إذا فهو يتحدث عن اللون الأخضر.      2- ذكر كلمة "خضرة" ولم يذكر كلمة "طعاماً" لأن الإنسان لم يكن مصرحاً له في البداية أن يأكل من عشب الأرض في الماضي.  فقبل سقوط آدم كان يأكل "بقولاً وثمار الأرض"  فقط ، ولكن ابتدأ يأكل العشب كإحدى العقوبات بعد الخطية. 3- ربط بين عبارتي خضرة و خدمة الإنسان ليؤكد أن الهدف هنا هو تقديم خدمه للإنسان و ليس مجرد إطعامه .. فهو يشير إلى عمل اللون الأخضر في النبات لخدمة الإنسان .. وذلك بتحويل ثاني أكسيد الكربون في الجو من خلال ضوء النهار إلى أكسجين .. مما يحفظ نسبة الأكسجين في الجو ثابتة ومما يحافظ على استمرارية حياة الإنسان وباقي الكائنات على الأرض ..


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx