اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون23 مارس 2018 - 14 برمهات 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

حياة التوبة

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

23 مارس 2018 - 14 برمهات 1734 ش

في احتفالنا بالصوم الكبير تعيش الكنيسة في حياة نسكية خاصة في كل صلواتها وعبادتها، لكنك أيضًا تستطيع أن تشعر ببهجة خاصة لهذه الأيام، بهجة الرجوع لحضن الآب السماوي، فرحة خاصة يستطيع أن يختبرها كل من يراجع حياته ويحيا في التوبة، بهجة الخلاص والتمتع بغفران الرب لكل إنسان تائب، وبذلك يتغنّى معلمنا داود النبي والملك بهذه الكلمات فرحًا وقائلًا: «طوبي للذي غُفِر إثمه، وسُتِرت خطيته» (مز32: 1).

وقد يتعجب البعض كيف يجتمع حزن الخطية مع الفرح! إنها التوبة التي تستطيع أن تجعل الإنسان فرحًا بتوبته، مبتهجًا بغفران خطاياه، ونواله الخلاص الذي قدمه لنا الرب يسوع. فما أعظمها إذًا حياة التوبة!

فالتوبة هي نداء الرب يسوع لكل إنسان خاطئ، وهي عمل كرازة يوحنا المعمدان، وهي نداء الآباء الرسل لكل المسكونة «توبوا لأنه قد اقترب ملكوت الله»، وهي أهم ما يعلّم به كل خادم، وأعظم اختبار يعيشه.

والتوبة عن الطرق القديمة كانت ولا تزال هي شرط لقبول الإنسان للإيمان المسيحي، فكل من يُقبِل إلى الرب يسوع يجب أن يؤمن به، ويعلن توبته عن خطاياه، ثم ينال نعمة المعمودية المقدسة؛ ولذلك حتى في معمودية الأطفال الصغار يلتزم الإشبين بجحد الشيطان وكل أعماله.

ورغم أننا نؤمن بمعمودية واحدة، إلّا أن الكنيسة تحثّنا جميعًا أن نجدّد توبتنا يوميًا فنحتفظ بنقاوة حياتنا. فالتوبة يجب أن تكون موضع اختبار دائم وتعليم دائم في حياة كل خادم. فكل خدمات الكنيسة تهتم أن تدعو الإنسان إلى حياة التوبة.

وفكر التوبة في أبسط معانيه هو: "إنني أحبك يا رب، وأرفض كل ما يغضبك"، فكل قديسي التوبة الذين أحبوا الرب، أخذوا قرارًا أن يتركوا كل ما يحزنه. والأمر لا يتعلق فقط بالاشتياقات بل بالحياة العملية.

فكيف يحيا الانسان التائب؟

+ الإنسان التائب ينوي ألّا يرجع لخطيته مرة أخرى، وهكذا كان الابن الضال، فهو لا يريد أن يبقى مع الخنازير (لو15).

+ والانسان التائب لا يكتفي بالنوايا الحسنة لكنه يمارس أفعال التوبة، فهو يقرّ بخطيته أمام الله في مخدعه واثقًا في قبوله «أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي» (مز32: 5)، ويعترف بخطيته أمام الأب الكاهن في انسحاق طالبًا الحل والمشورة، ويقرّ بخطيته أمام الذين أخطأ في حقهم معطيًا الحق لصاحبه.

+ التائب لا يخفي خطيته ولا يلتمس لنفسه العذر، ولا يلقي بالملامة على الآخرين، فأكثر ما يضيّع فرصة التوبة هو أن يلتمس الإنسان لنفسه الأعذار.

+ والتائب يخجل أيضًا من خطيته ويندم عليها، ولا يستجيب لملاهي العالم وينسى خطيته، ويحرص دائمًا أن يفحص ويكشف ذاته أمام الله.

+ التائب يحرص ألّا يكرّر خطيته لئلا يتحوّل إلى البلادة، بل يبعد عن كل الأسباب التي تسوقه إلى الخطية سواء كان إنسانًا أو كتابًا أو مشاهدة.. الخ.

+ التائب وإن كان حزينًا على خطيته إلّا أنه يحيًا فرحًا بسبب قبول الرب له، وفيما هو يتذكر ضعفه تسنده دائما نعمة الله والرجاء في الغفران والفرح به.

+ والتائب دائمًا يرتبط بالمخدع في صلوات وقراءات دائمة، فالمخدع هو تعزيته الوحيدة.

+ التائب يترفّق بالخطاة ويفرح بتوبتهم، فهو يعرف جيدًا مرارة الخطية، وينظر فقط لخطاياه، ويشفق على من حوله.

+ التائب أيضًا يرى التوبة مدخلًا لفضائل كثيرة، فهو يفرح بالأصوام والصلوات والميطانيات، ويفرح بالاطلاع على سير القديسين والتعلُّم منها.

+ أخيرًا التائب ينتظر مجيء الرب ويفرح به، لأنه يعيش في حرص، في حياة جديدة نقية، ويتوقع وينتظر بفرح مجيء الرب «منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب، الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب» (2بط3: 12).

لتكن أيام الصوم سبب بركة لحياتنا جميعًا لنجدد فيها عهد توبتنا، فالله يمنحنا أيامًا جديدة لكي نتوب ونرجع عن طرقنا الردية، ونوجد أمامه بلا لوم يوم الوقوف أمام العرش الإلهي.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx