تكلمنا في المقال السابق عن ثمار الروح القدس، وذكرنا ما يخص الإيمان والمحبة من هذه الثمار والواردة في رسالة معلمنا بولس الروسل إلى أهل غلاطية والتي قال عنها «وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ» (غل5: 22، 23).

بالنسبة للفرح قال السيد المسيح لتلاميذه عن قيامته المجيدة «سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ"» (يو16: 22). وقال معملنا بولس الرسول «كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ» (2كو6: 10)، وقال أيضًا «إفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا» (في4:4).

وعن "السلام" قال السيد المسيح لتلاميذه «سلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا» (يو 14: 27). هذا هو «سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ» (في4: 7) الذي قاله عنه بولس الرسول.

وعن "طول الأناة" و"اللطف" فهي من الصفات المسيحية الأساسية؛ والتي تجعل من الإنسان المسيحي نورًا للعالم. وقد وردت عنهما الأقوال التالية في تعاليم بولس الرسول: «فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ» (2كو6:6)، و«مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ انَاةٍ بِفَرَحٍ» (كو1: 11)، و«الْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أنَاةٍ» (كو3: 12)، و«فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ، أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ» (أف4: 1، 2)، و«لِكَيْ لاَ تَكُونُوا مُتَبَاطِئِينَ بَلْ مُتَمَثِّلِينَ بِالَّذِينَ بِالإِيمَانِ وَالأَنَاةِ يَرِثُونَ الْمَوَاعِيدَ» (عب6: 12)، وفي رسالة يعقوب الرسول: «خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاِحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ» (يع5: 10).

وعن "الصلاح" يقول السيد المسيح في اليوم الأخير لمن أكل جهاده وتنفيذ الوصايا وعاش حياة القداسة «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (مت25: 21).

وعن "الوداعة" قال السيد المسيح «تَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (مت11: 29). وقال بولس الرسول: «وَأَمَّا انْتَ يَا انْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هَذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ والْوَدَاعَةَ» (1تي6: 11)، و«حُلَمَاءَ، مُظْهِرِينَ كُلَّ وَدَاعَةٍ لِجَمِيعِ النَّاسِ» (تي3: 2)، وكتب يعقوب الرسول: «مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ» (يع3: 13)، و«اقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ» (يع1: 21).

وعن "التعفف" فهذه صفة ضرورية في حياة القداسة مثلما قال السيد المسيح «إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا. وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا» (مت6: 22، 23). التعفف ضد الطمع، وضد الأنانية، وضد الشهوات الدنسة. وقال بطرس الرسول عن التعفف: «وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا» (2بط1: 5، 6).