اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون13 أبريل 2018 - 5 برموده 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

حتمية القيامة

القس إبراهيم القمص عازر

13 أبريل 2018 - 5 برموده 1734 ش

القيامة هي قلب مسيحيتنا، وأساس كرازتنا، ومحور الحياة الليتورجية الأرثوذكسية. فكل يوم أحد هو تذكار للقيامة، وكل قداس هو استمرار لها، فيه تُنشد الكنيسة متهلّلة "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب...". لقد كان لابد، بل ومن الضرورة، أن يقوم السيد المسيح لعدة أسباب رئيسية منها:

أولًا: حتمية خلاصية روحية

جاء المسيح لكي يهبنا البر بعد الخطية،الحياة بعد الموت، التجديد بعد الفساد. وما كان ذلك ممكنًا بدون هزيمة الموت ومحو الفساد. فالعمل الذي من أجله تنبّأ الانبياء، وسُطِّرت الوعود، وأُعطِيت الشريعة، ولإجله أيضًا وُلِد الرب يسوع، وبسببه مات مصلوبًا، وهو خلاص الإنسان من الموت، وتجديد الطبيعة. وما كان ذلك ممكنًا دون تحطيم الموت، وغلبة الهاوية. فهو آدم الجديد الذي جاء الينا حاملًا خلاص الله. فقيامة الرب يسوع كانت إعلانًا عن كسر شوكة الموت (الفساد)، وعودة الحياة للإنسان المائت. فكل من اتحد بالمسيح في موته (المعمودية) صار له نصيب في قيامته، حائزًا على الحياة الجديدة والطبيعة الجديدة «لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ» (رو6: 5). وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي " الكلمة، إذ قدّم للموت ذلك الجسد الذي أخذه لنفسه، كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة، فقد رفع حكم الموت فورًا عن جميع من ناب عنهم".

ثانيًا: حتمية لاهوتية إيمانية

لقد كانت قيامة الرب يسوع من أقوى المعجزات، فهي الآية الدالة على لاهوته، والمُعلِنة عن قوة الحياة التى فيه. فحياته كانت أقوى من الموت، وموته كان سر حياة لكل المائتين. وهكذا نجد الرسول بولس يؤكد «وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» (رو1: 4 ). وتعيّن معناها تبرهن، فالقيامة دليل قوته، وتأكيد برارته، وإعلان سلطانه، وبرهان لاهوته. فالبرغم من أن الرب يسوع أعلن عن لاهوته وشخصه وطبيعته بطرق كثيرة ومتنوعة من آيات ومعجزات وبراهين، ولكن تبقي قيامته المجيدة العلامة الأقوى والأوضح لطبيعته اللاهوتية والتى اتحدت بطبيعته الإنسانية، بدون امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير. فموته لم يكن عقوبة إنسانية على خطية ارتكبها، ولكنه كان تدبيرً أزليًا، من أجل أن يحمل خطايانا، وقيامته كانت إعلانًا على أن المصلوب لم يكن إنسانًا عاديًا، أو شخصًا بارًا، أو حتى نبيًا أو كائنًا روحيًا، ولكنه بالحقيقة الله الكلمة المتجسد والذي قبل الموت من أجلنا، ولكنه قام لأنه هو الحياة ذاتها، معلنًا أن بره كابن الله، هو سر موته من أجل خطايانا، وهو أيضًا سر قيامته، لأجل تبريرنا. فهو الله البار القدوس والذى بلا خطية وحده، ولذلك قام ناقضًا أوجاع الموت.

ثالثًا: حتمية أخروية مستقبلية

في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، يُقدِّم مُعلِّمنا بولس الرسول حديثًا طويلًا عن قيامة الرب يسوع، ثم يتطرَّق لمشكلة عدم إيمان البعض بالقيامة العامة، لذلك وضع أمامهم قيامة الرب يسوع كأساس للحديث معه، وسألهم: «ولكن إنْ كان المسيح يُكْرَزُ به أنه قام من الأموات، فكيف يقول قومٌ بينكم إن ليس قيامةُ أمواتٍ؟» (1كو15: 12). وبهذا شرع يعطى الكنيسة على مر الأجيال والعصور أعظم تعليم عن قيامة الأجساد. وبعد أن أتم إقرار هذه الحقيقة، هتف قائلًا «ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين»، فبكور المحصول تؤكد وجوده، وهكذا قيامة المسيح كباكوره لإنسانيتنا هي تحقيق لقيامتنا، وتأكيد لأبديتنا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx