اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون11 مايو 2018 - 1 بشنس 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

الصعود والجاذبية الأرضية - من كتاب تأملات في عيد الصعود

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

11 مايو 2018 - 1 بشنس 1734 ش

قد يسأل البعض: هل في صعود الرب قد داس على قانون الجاذبية الأرضية؟

وللإجابة على هذا السؤال، نذكر نقطتين هامتين وهما:

أ- إن القوانين الطبيعية قد وضعها الله لتخضع لها الطبيعة. وليس ليخضع هو لها! فهل كان في الأمر معجزة إذًا؟ هنا وأجيب:

ب- إنها معجزة بالنسبة إلينا نحن، إذ نرى السيد المسيح صاعدًا بجسده إلى السماء. ولكنها في الواقع أمر طبيعي بالنسبة إلى الجسد الممجد الذي قام به الرب.

إذًا معجزة الصعود لم تكن في الانتصار على قوانين الجاذبية الأرضية، إنما كانت المعجزة في هذا الجسد الروحاني السماوي، الذي يستطيع أن يصعد إلى فوق. إنه إذًا سمو للطبيعة وليس تعارضًا معها. إنه نوع من التجلي لطبيعة الجسد...

لو أن جسدًا ماديًا صعد إلى السماء، لقلنا أن هذا ضد قوانين الجاذبية الأرضية، أما أن يصعد جسد روحاني سماوي، فهذا أمر يتفق مع سمو الطبيعة الجديدة التي يأخذها الجسد في القيامة، فيصير جسدًا روحانيًا «لأن لحمًا ودمًا لا يقدر أن يرثا ملكوت الله» (1كو15: 5).

+       +       +

حقًا إن جسد القيامة أو جسد الصعود: هو المعجزة.

صعد السيد المسيح إلى السماء بجسد ممجد، ارتفع منطلقًا إلى فوق لا يخضع مطلقًا لقوانين الجاذبية الأرضية.

إنه جسد ليست فيه ثقل المادة التي تجذب إلى أسفل.. بل له طبيعة أخرى ممجدة يمكن أن تصعد إلى فوق.

حقًا إن السيد المسيح قد قام بجسد ممجد، أمكنه أن يخرج من القبر وهو مغلق، وأمكنه أن يدخل العلية على التلاميذ وأبوابها مغلّقة، وأمكنه أن يدخل العلية على التلاميذ وأبوابها مغلقة (يو20: 19-26)، ولكن التلاميذ لم يتيقنوا من مجد جسده هذا، لأنهم ظنوه خيالًا، ثم لأنهم جسوه، ولأنه تنازل فأكل معهم (لو24: 27-43).

أما في الصعود فدخلوا في عمق الإيمان بهذا الجسد الممجد، الذي جذب أنظارهم إلى فوق، حتى قال لهم الملاكان «ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء» (أع1: 11).

+        +        +

معجزة الصعود هي تحول الجسد المادي إلى جسد روحاني، جسد سماوي، جسد ممجد، يمكنه أن يصعد إلى فوق. وهذا ما سوف يحدث لنا أيضًا في القيامة، حينما "نتمجد معه" ونقوم "في عدم فساد"، "نقوم في قوة" "في مجد" (1كو15: 42-44). الأحياء على الأرض في وقت القيامة، سوف يتغيرون في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير، ويلبس هذا المائت عدم موت (1كو15: 52، 53). "ثم نحن الأحياء الباقين، سنخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 17)...

والرسول يبشرنا بأن الرب «سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده» (في3: 21). أي أننا سنقوم بجسد ممجد.

وشرح هذا الأمر بالتفصيل في أصحاح القيامة (1كو15) كيف أن جسدنا المائت سيلبس عدم موت، والفاسد سيلبس عدم فساد وسنخلع الجسد الترابي الحيواني، لنلبس جسدًا روحانيًا نورانيًا سماويًا.. (1كو15: 41-50).

+        +       +

إذًأ صعود الرب هو عربون لصعودنا.

كما كانت قيامة الرب عربونًا لقيامتنا، إذ هو «باكورة الراقدين» (1كو15: 20). «وكما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع» (1كو15: 22).

كذلك أيضًا في الصعود، نسمعه يقول: «وأنا إن ارتفعت، أجذب إليّ الجميع» (يو12: 32).. على السحاب، وفي السماء وبجسد ممجد، ونكون كل حين مع الرب، في أروشليم السمائية مسكن الله مع الناس (رؤ21: 2، 3). في مستوى أعلى من المادة ومن الحواس، على شبه جسد مجده، في ربوات قديسيه.. حيث نتمجد أيضًا معه (رو8:  17). حيث نُقام في مجد (1كو15: 43).. وبالتالي نصعد إليه في مجد...

في صورة الصعود، أخذنا عربونًا للجسد الممجد المرتفع إلى السماء.

ومازال هذا هو أملنا، في أن يعتقنا الله من المادة وتأثيرها. ولا يكون جسدنا ماديًا إلى الأبد، إنما سنلبس الجسد الروحاني، باقتناء أجسادنا (رو8: 23). ولكن ما هو الطريق الموصل إلى المجد الذي ستناله أجسادنا.

الطريق الموصّل إلى مجد أجسادنا، هو الموت أولًا، ثم القيامة.. ولهذا لا نخاف الموت. بالموت نتخلص من مادية الجسد، وبالقيامة نلبس روحانية الجسد الممجد.

إن بقينا في هذا الجسد، سنبقى في المادة، ولكن إن خلعنا هذه المادة بالموت، سنؤهل إلى روحانية الجسد في الأبدية. من منا إذًا يشتهي أن يبقى في التراب، دون أن يتغير إلى المجد؟!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx