اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون25 مايو 2018 - 17 بشنس 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 19-20

اخر عدد

أيام خالدة

قداسة البابا تواضروس الثانى

25 مايو 2018 - 17 بشنس 1734 ش

خلال أسبوع واحد، بين تذكار استشهاد كاروز بلادنا مصر القديس مار مرقس الرسولي الطاهر والشهيد يوم 8 مايو (30 برموده)، وتذكار نياحة القديس البابا أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان القويم وصاحب الفضل الكبير في وضع قانون الإيمان النيقاوي يوم 15 مايو (7 بشنس)، خلال أسبوع واحد يمنحنا الله ثلاث بركات فريدة وثمينة جلبت الفرح والسعادة لجموع المصريين كافة، ولكنيستنا القبطية في كل مكان.

البركة الأولى: وهي احتفالات اليوبيل الذهبي ل     في القاهرة، وبحسب ما ذكرة السنكسار القبطي أنه في يوم 24 برمهات سنة 1684ش الموافق الثلاثاء 2 ابريل 1968 لميلاد المسيح، وفي عهد البابا كيرلس السادس (116)، بدأت سيدتنا كلنا وفخر جنسنا القديسة مريم العذراء تتجلى في مناظر روحانية نورانية على قباب الكنيسة المُدشَّنة باِسمها الطاهر في حدائق الزيتون في ضواحي مدينة القاهرة.

وقد توالى هذا التجلي في ليالٍ متعاقبة بصورة لم يُعرَف لها نظير في الشرق أو في الغرب، ويطول هذا التجلي في بعض الليالي إلى بضع ساعات دون توقف أمام عشرات الألوف من البشر من جميع الأجناس والأديان، والكل يراها بعيونهم، ويشيرون إليها، ويتشفعون بها في تراتيل وابتهال ودموع وتهليل وصلاة، وهي تنظر إلى الجوع نظرة حانية، ترفع أحيانًا كلتا يديها لتباركهم من جميع الاتجاهات... وقد استمر هذا التجلي أكثر من عامين.

وفي مناسبة مرور خمسين سنة على هذا الظهور النوراني، أقامت الكنيسة عدة احتفالات استمرت من الخميس 10 مايو إلى صباح الأحد 13مايو 2018، واشتملت على الصلوات والقداسات واستعراض شهادة شهود العيان في تسجيلات حية بالفيديو، مع عروض الكورال الموسيقية الجميلة، كما تزينت الكنيسة التي ظهرت على قبابها أم النور وكذلك الكاتدرائية المواجهة لها والشوارع المحيطة، ولبست أحلى الحلي.

وقد أشرف على هذه الاحتفالات نيافة الأنبا يؤانس أسقف اسيوط وتوابعها، مع الآباء الكهنة الموقرين والأراخنة والخدام والخادمات، وقد أعدوا لها جيدًا على مدار السنوات الثلاث الماضية. وكذلك أخرجت الكنيسة بعمل أبنائها وبناتها كتابًا أنيقًا في الطبع والإخراج وبثلاث لغات، مع مجموعة من الهدايا المناسبة التي تسجل هذا الحدث الفريد بعد مرور نصف قرن، والذي كان وما زال سبب بركة حاضرة في حياة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية.

البركة الثانية: وهي احتفالات مئوية مدارس الأحد (1918- 2018)، والتي تأسست على أيدي القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس، وصارت المظلة الأولى للتعليم المسيحي في كنيستنا القبطية، وذلك تحت رعاية البابا البطريرك وقتها وهو طيب الذكر البابا كيرلس الخامس (112). وقد شكلنا لجنة خاصة للاستعداد لهذه المناسبة العظيمة برئاسة نيافة الأنبا دانيال أسقف المعادي وتوابعها، والتي عملت بكل اجتهاد على مدار أكثر من ثلاثة سنوات ومن خلال عدة لجان فرعية، على وضع منظومة احتفالية متكاملة. والتي بدأت بأقامة احتفالية مبهرة مساء الأحد 13مايو2018 وعلى مدار خمس ساعات متواصلة تحكي عن مائة عام في تاريخ مدارس الأحد، حضرها رؤساء الطوائف المسيحية في مصر، مع عدد كبير من الوزراء والسفراء والنواب بالبرلمان، والأراخنة وخدام مدارس الأحد القدامى، وكذلك عدد كبير من المطارنة والأساقفة والكهنة والرهبان، ومئات من الأطفال.

وقد تخلّل الاحتفالية عروض حية وترانيم تراثية من فرق الكورال، ومشهد تمثيلي باللغة القبطية، بالإضافة إلى حوار مع قداسة البابا قام به طفلان، وذلك بجوار كلمات معبّرة قدمها نيافة أنبا سوريال أسقف ملبورن، والقمص يوحنا باقي، والدكتورة ماريان عازر، والدكتور طارق حجي، بالإضافة إلى الكلمة الافتتاحية التي قدمها نيافة الأنبا دانيال أسقف المعادي، وكانت تقريرًا شاملًا عن أعمال وجهود اللجنة المشرفة على احتفال المئوية عبر أكثر من ثلاث سنوات.

واُختُتِمت الاحتفالية بعرض فيلم روائي عن مدارس الأحد بعنوان "مدارس الحياة"، إخراج المخرج القدير سمير سيف. مع ترانيم وأناشيد وشموع مضيئة وزهور وصور عن هذا التاريخ المجيد. وكان أجمل ما في الحفل أن طفلين قدما كل الفقرت بأسلوب طفولي جميل.

كما قامت اللجنة بإخراج كتاب قيِّم عن تاريخ مدارس الأحد في مائة عام، وكتاب آخر عن الرؤية المستقبلية لخدمة مدارس الأحد، وتستعد إلى إصدار كتب اخرى سوف تشكل موسوعة شاملة عن هذا التاريخ المجيد.

لقد كانت هذه الاحتفالية هي نقطة البدء لعدد كبير من الاحتفالات في الإسكندرية والإيبارشيات سوف تستمر عبر الشهور القادمة لتُختتَم في نوفمبر القادم إذا أراد الرب وعشنا بمؤتمر علمي وبحثي عن "خدمة مدارس الأحد"، من خلال عشرات من الأبحاث والتي سوف يقدمها أساتذة ومتخصصون في هذا المجال، وذلك من 15- 17 نوفمبر2018.

إن مدارس الأحد هي حصيلة نعمة الله، والإبداع الكنسي، وغيرة خادم، ورعاية البابا البطريرك، ومحبة الأراخنة، من أجل تعليم تكويني واعد وتربية حقيقية ناجحة في الأسرة والكنيسة والمجتمع... والمجد لك يا رب.

البركة الثالثة: وهي حضور جثامين الشهداء المصريين الأقباط العشرين الذين اُستُشهِدوا على أرض ليبيا في فبراير2015، وكان معهم شهيد أفريقي – يُقال إن اسمه ماثيو – وسوف يرجع إلى أهله وبلده غانا.

لقد كان استشهادهم فاجعة لنا في مصر وكل العالم بسبب الطريقة الوحشية التي قُتِلوا بها، والتي سجلتها أيدي الغدر وأذاعتها على مواقع التواصل الاجتماعي لبثّ الخوف والرعب في قلوب المصريين جميعًا. إنهم شباب مصري من قرى المنيا بالصعيد، ذهبوا إلى ليبيا طلبًا للقمة العيش والمشاركة في العمل والبناء هناك... نالوا تعليمًا بسيطًا وعاشوا حياة بسيطة، ولكنهم كان شهودًا جبابرة لإيمانهم وعقيدتهم في بلاد الغربة، وتحول استشهادهم إلى أقوى كرازه على مستوى العالم كله، وكانوا سببًا قويًا في انتشار معرفة العالم بكنيسة مصر وأصالتها وجذورها التاريخية والحضارية. ووقتها قامت مصر بالرد الفوري على معاقل الإرهاب في ليبيا، وقام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارتنا بالمقر البابوي للتعزية بعد أن اخذ ثأر المصريين من خلال قواتنا المسلحة. وانتهى الأمر عند هذا الحد دون معرفة مقابرهم أو أين دُفِنوا، في الأرض أم في البحر حيث كان استشهادهم بقرب مياه البحر؟! وصار الأمر في عداد المستحيل نظرًا للظروف الأمنية المضطربة الموجودة في ليبيا، الجارة الغربية لبلادنا مصر.

ومرت السنوات حيث نتذكرهم في كل عام في يوم استشهادهم، بل وحسب قرار المجمع المقدس في مايو2017 اُعتُبِر يوم استشهادهم بمثابة عيد تذكاري لكل الشهداء الجدد في أي مكان.

ولكن منذ عدة أشهر فاجأتنا الأخبار بأن السلطات الليبية عثرت على مقبرة الشهداء، وبدأت تحقيقات واسعة، بل وتم القبض على بعض مرتكبي الحادث... وقامت السلطات الصحية بأخذ عينات DNA من أقارب الشهداء ومطابقتها مع الجثامين التي وُجِدت في المقبرة، وتم التعرف على الشهداء بأسمائهم. وقام الجمع بجهود متميزة وحثيثية انتهت بعودة الجثامين في عشرين صندوقًا، يحمل كل صندوق اسم الشهيد مكتوبًا عليه ومختومًا بخاتم السلطات المسئولة... وقمنا باستقبالهم بكل كرامة واعتزاز في مطار القاهرة الدولي بحضور العديد من المطارنة والأساقفة والكهنه والرهبان والشمامسة والأراخنة ولفيف من المسئولين الحكوميين، وفي مقدمتهم السيدة الوزيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين في الخارج. وقد أجرينا الصلوات بالطقس الفرايحي، وكان يومًا مشهودًا مساء 14مايو2018، وهو عشية نياحة القديس أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان القويم.

وقام مرفق الاسعاف بوزارة الصحة المصرية بنقل الجثامين إلى موضع راحتهم في الكنيسة التي تفضّلت الحكومة المصرية بتوجيهات السيد الرئيس في بنائها في قريتهم العور بالمنيا، ليُدفَنوا بكل كرامة، ويكونوا شهادة حية مُوثَّقة لكل الأجيال عن صلابة الإيمان وقوته في كنيسة مصر العظيمة.

إننا أمام هذه البركات والنعم لا نملك سوى تقديم الشكر وتمجيد اسم الله العظيم الذي منحنا أن نعيش إلى هذه الساعة، ونفرح بيده القوية وذراعه الرفيعة في مسيرة كنيستنا القبطية عبر تاريخها الطويل والممتد... إلى نهاية الزمان.

ثمّة ملاحظه أخيرة: إننا نحتفل هذا العام أيضًا بمرور 1950 سنة على استشهاد القديس مار مرقس الرسول، ثم مرور 50 سنة على عودة رفاته وإنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ولكن نظرًا لأعمال التجديد والترميم المعماري والإنشائي في الكاتدرائية، واحتياجها لمزيد من الوقت، تأجلت تلك الاحتفالية إلى نوفمبر القادم لنقوم بافتتاح الكاتدرائية بعد اكتمال هذه التجديدات بنعمة المسيح.

البابا تواضروس الثاني

بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx