اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون08 يونيو 2018 - 1 دف بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

لماذا صوم الرسل

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

08 يونيو 2018 - 1 دف بؤونة 1734 ش

بعد الاحتفال بعيد حلول الروح القدس نبدأ في صوم الآباء الرسل، وهو أقدم صوم في الكنيسة حيث بدأوا به لانتظار حلول الروح القدس ولنشر الكرازة بالإنجيل للعالم كله، ومن هنا يأتي هذا الصوم وأهميته الكبيرة، ويقول ذهبي الفم في هذا: "إن الصوم ليس عملًا جسدانيًا، بل هو تحرير النفس خلال جهاد الجسد مع الروح للدخول في حياة الشركة مع الله كغذاء للروح، مما يجعلها أكثر صلابة، ويهبها أجنحة خفيفة بها تنطلق إلى العلو الروحي والشبع من الله.. لذلك إذا وجدت إنسانًا صوّامًا مصليًا فإنك تشتم في الحال رائحة زكية، لأن الصوم والصلاة يعملان على صلاح النفس، ومَنْ يَصُمْ يُصبح خفيفًا كما لو كان له أجنحة فيصلي بنشاط كبير ويخمد الشهوات الشريرة ويستعطف الله ويجعل النفس المتعجرفة داخله تتضع"... ومن هنا كان الصوم مرتبط بالرفعة، فيقول ذهبي الفم: "مَنْ يصلي صائمًا يملك جناحين أخفّ من النسيم، فلا يهذي ولا يتثاءب ولا تضعف قواه الروحية في الصلوات والأنشطة الروحية والخدمية، فتكون الصلوات أسرع من لهيب النار لحرق كل المحاربات الشيطانية".

ماهو تأثير هذا الصوم على التلاميذ؟

لابد أن تصاحب الصلاة، الصوم والخدمة. وهذا مثلث واضح في حياة الرسل القديسين كما جاء في (أع13: 3) «فصاموا حينَئذٍ وصَلّوا ووضَعوا علَيهِما الأياديَ، ثُمَّ أطلَقوهُما». وكذلك «وانتَخَبا لهُمْ قُسوسًا في كُلِّ كنيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيا بأصوامٍ واستَوْدَعاهُمْ للرَّبِّ الّذي كانوا قد آمَنوا بهِ» (أع14: 23).

حقًا إن مصاحبة الصلاة للصوم يصفها القديس مكاريوس بنسر له جناحان وبهما يغلب معوقات الطيران، هكذا الصائم المصلي يغلب معوقات الحياة الروحية وكذلك معوقات الخدمة.

ويقول القديس ذهبي الفم: "لا أحد أقوى من الصائم المصلي بحرارة، فإذا كانت الأرملة استعطفت قاضي الظلم الذي لا يخاف الله ولا يخجل من بشر، فكم بالحري الله الحنون الذي يحبنا ويستعطفه جدًا مَنْ يرفض الملذات العالمية ويترك المأكولات الشهية مع الصلوات الروحية الحارة والقوية في نتائجها والمنتصرة على الشيطان".

الصوم نوع من الجهاد في حياة الرسل:

«فأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، برَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ، وبمَحَبَّةِ الرّوحِ، أنْ تُجاهِدوا مَعي في الصَّلَواتِ مِنْ أجلي إلَى اللهِ، لكَيْ أُنقَذَ مِنَ الّذينَ هُم غَيرُ مؤمِنينَ في اليَهوديَّةِ» (رو15: 30). لم يحتج القديس بولس إلى مال ولا سلطة ولا إمكانيات مادية، ولكن احتاج إلى مؤازرة قوية بالصلوات لكي يتمّم رسالته الرسولية. ومن الواضح أن القديس بولس يتكلم عن خبرة في تأثير الصلوات والأصوام في نجاح الخدمة. ويؤكد هذا القديس يعقوب السروجي قائلًا: "الصوم هو أحد صور الجهاد الذي يقدمه الصائم المصلي حتى الدم، ليسترد حياته للنصرة خلال الحرب الروحية". كذلك القديس أغسطينوس يؤكد أن "الصلاة هي السلم الذي نصعد به إلى الحياة مع الله". وفي (2كو6: 5) نقرأ: «في ضَرَباتٍ، في سُجونٍ، في اضطِراباتٍ، في أتعابٍ، في أسهارٍ (الصلاة)، في أصوامٍ، في طَهارَةٍ...».

هكذا تكون الصلاة مع الصوم بمواظبة حتى نحصل على نتائج طيبة وثمار حسنة، كالغلبة والنصرة والسهر وحب التعب والاستفادة من كلمة الله التي هي سيف الروح القاطع للشر والرافع للنفس لتحصل على حياة روحية قوية ومستقرة ثابتة.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx