اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون08 يونيو 2018 - 1 دف بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

الكتاب المقدس والإنسان المعاصر (5)

نيافة الأنبا موسى

08 يونيو 2018 - 1 دف بؤونة 1734 ش

ذكرنا في الأعداد الماضية أن حاجات الإنسان المعاصر هي: 1- المعرفة.      2- المرجعية. 3- الخلاص. 4- الخلود. وذكرنا أن هذه الاحتياجات الأربعة يتم إشباعها من خلال الكتاب المقدس... وذكرنا منها 1- المعرفة 2- المرجعية 3- الخلاص... يتبقى:

4- الحاجة إلى الخلود

في أعماق الإنسان - كما يقول الفلاسفة والمفكرون - "العطش والجوع إلى المطلق" أي إلى اللانهائي. لذلك ففي أعماق الإنسان عطش إلى الخلود واللانهاية. ويستحيل أن يشبع هذا العطش غير المحدود إلا بكائن غير محدود هو الله متجسدًا في رب المجد يسوع، الذي يسكن في قلوبنا ويروي ظمأ نفوسنا وأرواحنا وعقولنا!

إن كل ما في هذا العالم محدود، ولهذا قال الرب للسامرية: «كل من يشرب من هذا الماء (الأمور المحدودة) يعطش أيضًا، ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا (ماء الحياة الأبدية)، فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير ينبوع ماء، ينبع إلى حياة أبدية» (يو4: 13، 14).

من هنا كانت محاولات الأرتواء والشبع الإنساني، من الأمور المحدودة، فاشلة وغير كافية، فمثلًا:

أ- قد يجتهد إنسان في جمع المال، ولكنه حتى بعد أن يصير مليارديرًا لا يشبع، ويطلب المزيد، ولا يحس بالكفاية!

ب- وآخر قد يجتهد في تحصيل العلم، فيحص على شهادات دكتوراه كثيرة، ولكنه يظل يطلب المزيد، كما قال "أينشتاين": "كلما ازددت علمًا، ازددت إحساسًا بالجهالة"، وكما قال نيوتن: "كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط ضخم".

ج- وقد يجتهد آخر في الفكر والفلسفة، ويحاول أن يسبر أغوار الحياة، والخليقة، وما قبلها، وما بعدها، والموت، وماذا بعد الموت.. ولا يشبع.. بل يقف عاجزًا وحائرًا، فالعقل المحدود، كيف يستوعب الله غير المحدود؟!

د- وقد ينغمس آخر في ممارسة الخطيئة، دون أن يشبع إطلاقًا، بل يتحول إلى "الإدمان الجنسي"، وهو نوع من الأمراض، يجتاح العالم الآن (Sex Addiction) وكلمة (Addiction) مستمدة من كلمة (Add) أي "زيادة"، فهو يزيد الجرعة بإستمرار، ودون شبع أو اكتفاء..

وهنا يظهر رب المجد يسوع، ليشبع نفوسنا وقلوبنا وأرواحنا، بشخصه اللانهائي غير المحدود، فلا نشعر بالحاجة إلى شيء، بل وحتى إلى شخص، أو موقع، فالمسيح يصير شبعنا اللانهائي، كما كان لآبائنا القديسين الذين تركوا العالم والمادة وكل المحدودات، وشبعوا بغير المحدود. انحلوا عن الكل، ليتحدوا بالواحد. وصار شعارهم - كما علمنا المتنيح قداسة البابا شنوده الثالث:

- لست أريد شيئًا من العالم، فليس في العالم شيء اشتهيه.

- لست أريد شيئًا من العالم، لأن العالم أفقر من أن يعطيني.

- لست أريد شيئًا من العالم، فأنا لست من العالم.

- لست أريد شيئًا من العالم، لأني أبحث عن الباقيات الخالدات.

- لست أريد شيئًا من العالم، لأن هناك من أطلب منه.

إن الحاجة إلى الخلود هي من أهم احتياجات الإنسان منذ بدء الخليقة، لهذا بنى الأهرامات، ووضع التماثيل بجوار الجثمان المسجى في القبر، لتتعرف عليه الروح عند القيامة. لهذا قالوا: "لو وضعنا الكرة الأرضية في قلب الإنسان المثلث، تبقى زوايا المثلث فارغة. ولا يشبع قلب الإنسان المثلث، إلا الله المثلث الأقانيم".

من هنا جاءت حاجة الإنسان المعاصر إلى الكتاب المقدس، نورًا، ومعرفة، وحياة. وصار الكتاب بالنسبة إلينا:

1- كلام الله: الذي يرسم لنا طريق الخلاص والحياة الأبدية.

2- وتاريخ معاملات الله مع البشر: في العهدين القديم والجديد.

3- مكان لقاء وتفاعل الإنسان مع الله: في كافة مواقف الحياة من هزيمة إلى نصرة إلى مواعيد..

4- مدرسة اختبارات: نرى فيها كيف سار رجال الله مع الله فكانت حياتهم ناجحة ومثمرة، وكيف سار الأشرار في الدنيا والآخرة.

إن كلمة الله نافعة للتعليم، وتستطيع أن تصل بأولاد الله إلى طريق الكمال والعمل الصالح.. فلنشبع بالكلمة المقدسة، لكي تشملنا جميعًا نعمة الرب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx