اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

طاعة الرسل

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش

«ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس» (أع5: 21)، هكذا عاش الآباء الرسل في الخدمة. والطاعة من الفضائل الكاملة، ولا يسلك فيها إلّا الكاملون في الحياة الروحية... لماذا؟

لأن الطاعة ليست مجرد الخضوع لسلطة خارجية، ولكنها تعبير عن الحب والشركة اللذين يوجدان في حياة الإنسان الروحي، ويقول القديس أغسطينوس: "الطاعة هي للخليقة العاقلة، وهي أم الفضائل لأن العصيان هو مصدر لكل الرذائل، فبسببه فسدت الطبيعة البشرية، ولكن بالطاعة تنفّذ الخليقة العاقلة أمر الله ووصاياه التي يريد بها رفعة الإنسان وتقديسه، وهي تحمل ثمارًا كثيرة".

والطاعة الروحية: تتجلى بطبيعة الإنسان كشخص ليصل بمحبة الله إلى الكمال فيصير ملاكًا، وهذا ما قاله القديس الأنبا بموا عن تلميذه يؤانس القصير: "هذا ملاك وليس إنسانًا". فالطاعة مرتبطة بالمحبة، أمّا الخضوع فمرتبط بسلطة زمنية وتسلُّط بشري من سيد لتابعية. ويؤكد القديس أغسطينوس: "إن رفض الطاعة الروحية بطيب خاطر تُسقط الإنسان في عبودية الإثم، والأمر الأسوأ أن الخضوع والعبودية قد لا تكون لشخص ولكن ربما تكون لرذيلة وشهوة رديئة، فإن أطاع الإنسان صوت الله لمساعدة الفقير والمسكين نجا من تسلُّط رذيلة البخل عليه، ولذلك المسيح يأمرنا أن نتحنن على الفقير حتى لا يتسلط علينا البخل كرذيلة سيئة جدًا".

من هنا تأتي أهمية طاعة الله حتى لا تتسلط علينا الرذيلة، فمن يأبى أن يطيع الله يتسلط عليه الشيطان، إذًا فالطاعة هي الشكل الأكمل لحرية الإرادة، إذ يقرِّب الإنسان نفسه بنفسه من خلال عطاياه كصدقات وعطايا تحرِّرنا من محبة المال التي هي أصل لكل الشرور.. لهذا كلما تحرّرنا من الأهواء والشهوات كلما نلنا شرف الطاعة لوصايا الله والسلوك في الفضائل الروحية كالملائكة، ولنسمع هذا الصوت جيدًا: يا من لا تريد أن تطيع الله فسوف يقهرك العدو الشرير فتسقط مقهورًا..

فالطاعة هي الشكل الأكمل لحرية إرادة الإنسان الروحي من تسلُّط الأهواء والرغبات والشهوات، وبالجملة من المعصية بكل صورها ونيرها، وقمة المعصية هي انغلاق الإنسان على نفسه فتتسلّط الذات عليه فتخضعه لكل السلبيات والمعاصي التي تستعبده كعادات شريرة متسلطة.

أمّا الطاعة فهي الإنصات الداخلي والإصغاء القلبي لصوت الله المعزي والمريح بعمل روح الله، وينتج عنها تنازل الإنسان عن إرادته الفردية لكي يكون عضوًا لا فردًا، وبذلك يكون له كيان كبير أي عضوية في الكنيسة المقدسة، أي عضو في الجسد الذي رأسه السيد المسيح له كل المجد.

ونسمع كلمات القديس بطرس: «كأولاد الطاعة لا تُشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم» (1بط1: 14). وماذا عن النتيجة للطاعة؟ «نشكر الله أنكم كنتم عبيدًا للخطية، ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها» (رو16: 17)، ونصل للنتيجة المفرحة: «المختارين بمقتضى علم الله السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح» (1بط1: 2)، أي أن عمل روح الله القدوس أن يقدس ويحرر النفس المؤمنة لتناول فاعلية الخلاص بالروح القدس بعد أن كانت مبيعة للخطية تحت سيطرة الشر الذي يتسلط على القلب في الداخل وعلى الطبيعة البشرية عامة..




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx