اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

الأسرة وتكوين الشخصية

نيافة الأنبا موسى

22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش

تأثير الأسرة في أعضائها

أولًا: لاشك أن الأسرة - والأم بالذات - هي المؤثر الأساسي في شخصية الإنسان. ويكفي أن نذكر هنا كلمات معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: «إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلًا فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلَكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا» (2تي1: 5). وكأن الإيمان يُورَّث، فتيموثاوس ورث الإيمان عن أمه، وأمه ورثته عن جدته. ومفهوم طبعًا أن الوراثة هنا ليست وراثة تلقائية، بل هي وراثة التأثير والتربية والعشرة الحسنة. فالطفل حينما ينشأ في أسرة تقف أمام الله للصلاة كل يوم، ينشأ في جو تأثيرات الصلاة، ويتعلم حياة الشركة مع الله والقديسين، ولا ينام - مهما كبر في السن - دون أن يقف أمام الله للصلاة. والطفل الذي لم يسمع من والديه سوى كلمات النعمة والبنيان، لن ينشأ شتَّامًا أو غضوبًا أو منحرفًا. وأتذكر أننا حين كنا طلبة في كلية الطب، ثم أطباء امتياز، كان أحدنا من أسرة غنية، وكان أنموذجًا للوداعة والمحبة، ولاحظت حين كنا ندخل للاستراحة للنوم قليلًا أثناء العمل، انتظارًا لحالات الاستقبال، أنه يقف بجوار سريره، يصلي ثم ينام. طبعًا هذه كانت تربية مدرسية كنسية له، استمرت معه على الدوام.

ثانيًا: معروف علميًا أن مرحلة المهد، في السنة الأولى والثانية من عمر الإنسان، يسميها العلماء: "مرحلة الثقة"، إذ ينشأ الطفل في حضن أمه، يشبع من اللبن المادي، ومن الحنان الوجداني، بل من التأثيرات الروحية الإيمانية في آن واحد. فالأم تنقل إلى الطفل مجموعة أغذية أثناء إرضاعه وإطعامه، نذكر منها:

1- الغذاء المادي: من خلال اللبن... أثمن غذاء في حياة الطفل... ومعروف أن فوائد اللبن الطبيعي أكثر بكثير من اللبن الصناعي.

2- الغذاء الوجداني: من خلال حنان الأم.. حينما تحتضن الطفل، وتقبله، وتبتسم في وجهه بحب شديد. ويقول علماء التربية إن احتضان الأم للطفل يجعله يستمع إلى دقات قلب الأم، فيتصور -بمعنى ما- أنه مازال في رحمها، فيشعر بالأمان والدفء والسعادة، وكأنه مازال في الداخل المريح، بدلًا من الخارج المتعب، حيث الأصوات والأضواء وتيارات الهواء.. الخ.

3- الغذاء العقلي: حينما تعلّمه شيئًا فشيئًا الكلام ومعاني الأشياء... كلمة وراء كلمة...

4- الغذاء الروحي: حينما تعلمه الإيمان، فيتعرف على الرب يسوع والقديسة العذراء، والكنيسة، والكاهن، والتناول، منذ نعومة أظافره.

5- الغذاء الاجتماعي: حينما يتلقّفه الأهل في محبة وتعاطف: الأب والأخ والأخت الأقارب والأصدقاء.

ثالثًا: هكذا تتربى لدى الطفل "الثقة في النفس وفي الناس".. أي أنه ينشأ واثقًا من أنه "محبوب ومرغوب فيه" (Wanted)، فتكون نفسيته سوية، غير عدوانية، متعاطفة ودودة، اجتماعية، مبتسمة، وفي سلام. أمّا الطفل الذي نلقيه إلى "الشغالة"، أو يلقيه هذا إلى ذاك في نفور وعدم اهتمام وبدون حنان، فينشأ خاليًا من الثقة، ويحس أنه "غير مرغوب فيه" (Unwanted)، مما يجعله في المستقبل شخصية عصبية، متوترة، وعدوانية، وساخطة على المجتمع، ترى في كل إنسان عدوًا لها... وهذا أيضًا كلام علماء التربية!

رابعًا: المذبح العائلي: 1- من هنا نلح على كل أسرة أن يكون لها المذبح العائلي، أي فرصة الصلاة المشتركة، ونقترح أن يكون ذلك بعد العشاء، حينما يجتمع أغلب أفراد الأسرة، فيقفون لصلاة بسيطة جماعية مثل: أبانا الذي، وصلاة الشكر والمزمور الخمسين..

2- ثم يتقدمون إلى خطوة أخرى، فيصلون صلاة النوم، ثم يطلبون من أحد أبناء الأسرة أن يقرأ لهم إصحاحًا في الإنجيل.

3- وفي خطوة ثالثة يتفقون على التناول المشترك مرة كل شهر مثلًا...

وهكذا تترابط الأسرة معًا، وينشأ الأطفال في جو من السلام والمحبة والتماسك، وينشأ أفرادها على الحب الأسري والمحبة والعطاء ... (يتبع)




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx