اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

اِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا (تك6: 14)

القمص بنيامين المحرقي

22 يونيو 2018 - 15 بؤونة 1734 ش

بمناسبة حلول الروح القدس، لابد أن نعي العمل المشترك بين عمل الروح القدس في الإنسان، وتجاوب الإنسان مع عمل النعمة. فكلاهما مرتبط معًا، حقًا إن النعمة بادئة ولكن عملها مرتبط بتجاوب الإنسان الذي هو الجهاد الروحيّ. فالذي أقام لعازر من بين الأموات كان قادرًا على أن يرفع الحجر أو يحله، لكن الله لا يتجاهل الدور الإنسانيّ.

في الحقيقة كما كان الفلك هو مصدر النجاة من الطوفان، فإن عمل النعمة هو الذي يجدد طبيعتنا. فالروح القدس الذي يعمل في الأسرار، هو الذي يخلق الطبيعة الجديدة المقامة في المسيح يسوع.

كان الفلك رمزًا للكنيسة، والكنيسة تعمل بقوة الروح القدس، فهو الناطق في مجامعها، كما جاء في قرارات مجمع أورشليم: «لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ..» (أع15: 28). وهو الذي يقود أعضائها «لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ» (رو8: 14). ويمنحهم المواهب المتنوعة «يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ قَاسِما لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ كَمَا يَشَاءُ» (1كو12: 11). فهكذا صارت الكنيسة هي فلك النجاة من بحر هذا العالم، فلا خلاص خارج الكنيسة، فكما كان الفلك سبب خلاص لنوح وبنية، صارت الكنيسة، بعمل الروح القدس فيها.

الروح القدس يحمينا من الفهم الخاطئ لكلمة الله: يقول السيد المسيح: «وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ» (يو14: 26). إنّنا لا نستطيع فهم كلمة الله، بصورة سليمة دون عمل الروح القدس. فالهلاك يأتي من عدم معرفة الحق «قد هلك شعبي من عدم المعرفة» (هو4: 6). وقد قوى إبليس على الناس لأنه المضل الكذاب وأبو الكذاب (يو8: 44). فالروح القدس هو «روح الحق» (يو14: 17)، فيقودنا إلى الحق. ولكن بدون الروح القدس لا يمكننا أن نصل إلى معرفة الحق. يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته» (أف1: 17)، فلكي نعرف الله وطرقه وإرادته؛ نحتاج إلى إعلان من الروح القدس، ليكشف لنا حقائق الأمور فتستنير عيون أذهاننا.

الروح القدس يحمينا من أعمال الشياطين: في سرّ الميرون، يتخصص الإنسان بالمسحة المقدسة يصبح هيكلًا للروح القدس، ومحصنًا من أعمال الشياطين وحيلهم وسحرهم. فمعركتنا ضد قوات الظلمة، وليست ضد إنسانٍ ما. فالروح القدس يمنحنا نعمة، أسلحة، كما يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةًا، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ» (2كو10: 4) إذا ما احتمينا بهذه الأسلحة التي هي: «دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ» (1تس5: 8)، نتحصن بروح القوة، ونعمل بالروح القدس لحساب ملكوت اللَّه؛ نستطيع أن ننتصر ونغلب، فالروح يمنحنا نعمة لا عصمة.

فبالروح القدس غير المنفصل عن الآب والابن، تُطرد الشياطين بواسطة قوته، فيقول السيد المسيح: «إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ» (مت12: 28). ففي حضور الروح القدس يفقد الشيطان قوته، فقد تحررنا من الخطيئة بواسطة نعمة الروح القدس «اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو6: 11) (القديس باسيليوسPG32, 156A ).

الروح القدس يحمينا من غضب الله في الدينونة: وعندما يسكن الروح فينا، نصير «هَيْكَلُ اللهِ» لأن «َرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ» (1كو3: 16). وسكنى الروح القدس في الكنيسة هو الحاجز الذي يحمينا من انصباب غضب الله في الضيقة التي ستحلّ على هذه الأرض. هكذا نجد يوحنا الرائي، يطلب منه الملاك أن يقيس هيكل الله، والمذبح والساجدين فيه، الذين هم عبيد الله المختومين على جباههم، أي الذين داخل الكنيسة، لأن الختم هو سر الميرون. أما الذين خارج الكنيسة (الدار التي هي خارج الهيكل) فاطرحها خارجًا ولا تقيسها، لأنها قد أُعطيت للأمم (رؤ11: 1، 2).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx