اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون06 يوليه 2018 - 29 بؤونة 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 25-26

اخر عدد

ضوابط الطاعة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

06 يوليه 2018 - 29 بؤونة 1734 ش

لقد رأينا طاعة الآباء الرسل وقيمتها الروحية في نشر الكرازة بالإنجيل، ولكن كيف نطيع الله؟ وبأيّة ضوابط تجعل الطاعة تعبيرًا عن حرية حقيقية من الخطية؟ ولنبدأ بقول القديس إيريناؤس تعليقًا على قول القديس بولس: «لاَ تُصيِّروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا... فلا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية» (رو6: 13): "فالأعضاء عينها التي اعتدنا أن يخدم بها الإنسان الخطية ويجلب بها ثمرة الموت، يُرينا الله كيف نستخدمها للطاعة للبر فتثمر حياة أبدية لكل نفس" «إذًا لا تملكنّ الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته» (رو6: 12)، فليست الحرية هي أن يعمل الإنسان ما يريده من الخطية، بل أن يمنع نفسه عن فعلها فينال الحرية الداخلية، يرفض الخطية ويحيا في طاعة البر والقداسة ووصية الله.

وهنا يقول القديس أغسطينوس: "ما دُمتَ تحمل جسدًا قابلًا للموت تحاربك الخطية، لكن ليتك لا تجعلها تملك، بمعني أن تقطع رغباتها حتى لا تملك عليك. إذ لا يكون لها سلطان عليك بطردها وعدم طاعة متطلباتها، فلا يكون لها أسلحة لمحاربتك ولا تثور فيك لأنها بلا أسلحة".

إذًا فالطاعة الحقيقية هي التي تعكس حرية النفس من كل قيد، وبذلك تكون الطاعة انفتاحًا بالحب على الآخر، بحيث تكون إرادة المسيح هي التي تحرك الإنسان وليس المنطق البشري كما حدث مع يونان النبي، إذ كان منطقة الإنساني هو كيف تخلص نينوى الأممية، لأن اعتقاده كيهودي أن لا خلاص للأمم غير اليهود.

لذلك يقول القديس جيروم "إن يونان بدلًا من أن يُطيع الله، استحسن جمال فكره البشري وحكمته الإنسانية، ليلقي بنفسه في بحر من المتاعب التي أحاطت به نتيجة معصيته وعصيانه لأمر الله ورغبته في إرساله لمدينة نينوى. إنه منطق الإنسان المُتصرِّف بحسب هواه الشخصي لا بحسب فكر الله ووصيته له، وكانت النتيجة أنه حَكَم على نفسه بالإلقاء من السفينة ليموت غرقًا لولا مراحم الله، إذ أعد له حوتًا ليبتلعه وينجّيه من الموت".

وهنا يقول ذهبي الفم: "في إلقاء يونان في البحر إشارة إلى طرد الخطية من سفينة حياته ليعود إليه سلامه الحقيقي الذي نزعته عنه المعصية... فنينوى اضطربت بسبب خطاياها(في الوثنية)، واضطربت السفينة بسبب معصية يونان، وبإنهاء المعصية عاد السلام لكليهما: «فقلتُ قد طُرِدت من أمام عينيك، ولكني أعود أنظر هيكل قدسك» (يون2: 4)".

ويعلق القديس جيروم فيقول: "حين بدأ يونان مسيرته إلي نينوى بدأ وهو في أعماق البحر يري الهيكل"... والقديس أغسطينوس يتأمل فيقول في المشهد: "إن كان البحر أطاع الله والرياح أيضًا، أفلا تنصت يا يونان ولا تدع الأمواج تسيطر على قلبك فيضطرب؟ ولكن لا تيأس يا إنسان، إذ حين يستيقظ المسيح فيك، فيسكت البحر والرياح أيضًا تقف «فأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر» (يون2: 10).

ويرى القديس ذهبي الفم أن الحوت مترفِّق بيونان أكثر من ترفُّق يونان بنفسه، فقذفه إلى البر بأمر من الله دون أن يؤذيه. أفلا يليق بيونان أن يترفّق بإخوته أهل نينوى ليخلصهم حتى لو كانوا أمُميين؟ لأن رغم أن الرياح والأمواج استقبلته ولم تؤذه، والحوت تلقّفه ولم يهلكه، وكذلك أفلا يليق بيونان كنبي أن يترفّق بأهل نينوي ويرحمهم بمناداته لهم بالتوبة كما حدث؟".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx