اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون20 يوليه 2018 - 13 أبيب 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 27-28

اخر عدد

القديسون شهود الكنيسة

قداسة البابا تواضروس الثانى

20 يوليه 2018 - 13 أبيب 1734 ش

القديسون شهود الكنيسة، يشهدون عبر تاريخها. في سفر إشعياء يقول الرب: «أنتُمْ شُهودي، يقولُ الرَّبُّ، وعَبدي الّذي اختَرتُهُ، لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا بي وتَفهَموا أنّي أنا هو» (إش43: 10)، فكل قديس هو شاهد لله والله اختاره. إن القديسين عبر تاريخ الكنيسة الممتد لأكثر من 2000 سنة، يمثلون أعمدة إنارة تنير لنا الطريق. 
كنيستنا كنيسة قديسين بصورة مبهرة، ونحن نفتخر بهم ونذكرهم كل يوم في مجمع التسبحة، والذكصولوجيات التي هي تماجيد القديسين، وفي تحليل الخدام، وفي كتاب السنكسار الذي هو أخبار القديسين، وفي مجمع القداس، والهيتنيات التي هي الشفاعات. وحين يقول الكاهن في القداس: "القدسات للقديسين"، فهي دعوة لك لتنضم إلى زمرة القديسين. لسنا وحدنا في الكنيسة، بل نحيا وأمامنا شهود كثيرون عن حياة القداسة من كل فئات البشر: رجال، نساء، شويخ، شباب، أطفال، ضباط، أطباء... ولهذا أريد أن أكلمكم عن كيف أن القديسين شهود للكنيسة...
1. شهادة الإيمان: 
عبر تاريخ كنيستنا، هناك شهود كثيرون للإيمان، وفي هذا الشهر نحتفل بالقديس كيرلس عمود الدين البطريرك 24 في تاريخ بطاركة كنيستنا (3 أبيب – 10 يوليو). كان هذا القديس مدافعًا قويًا عن الإيمان، وهو الذي رسّخ استخدام لقب ثيئوطوكوس (والدة الإله)، ودافع عن الإيمان المستقيم في المجامع التي حضرها، والمناقشات التي خاضها، والكتب التي ألّفها، وصار شاهدًا من شهود الإيمان في الكنيسة. ومثله القديس أثناسيوس الرسولي، والقديس ديسقوروس، ومار مرقس، وكثيرون لا نستطيع ان نحصيهم عبر التاريخ، وحتى يوم هذا الكنيسة تحفظ الإيمان، ونفتخر أننا على إيمان أثناسيوس وديسقوروس... لذلك نجد ان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة حية وشاهدة للإيمان، ومن خلال حضورها في أي لقاء على مستوى العالم هي تشهد للإيمان المستقيم. على سبيل المثال، أنشِئ مجلس الكنائس العالمي من 70 سنه، بهدف تحقيق التقارب بين الكنائس. 85% من الكنائس المشاركو به بروتستانتية، و15% كنائس أرثوذوكسية. وكنيستنا تشارك بفاعلية في هذا المجلس منذ أيام البابا يوساب الثاني (115)، ملتزمين بالإيمان المستقيم، وبوصية الرب أن نكون ملحًا للأرض ونورًا للعالم.
2. شهادة التوبة: 
القديسين شهود بالتوبة للكنيسة، وهناك امثلة لا حصر لها عن أناس تابوا وعاشوا في التوبة. كلكم تحبون القديسة مريم المصرية التي ارتبطت قصتها بالقديس زوسيما القس. ومريم المصرية في بداية حياتها سلكت سلوكًا خاطئًا، وأرادت أن تنقل هذا السلوك الخاطئ إلى فلسطين في أورشليم، ولما أرادت أن تدخل الكنيسة وجدت يدًا خفية تمنعها، فبدأت تفكر في خطيتها وقدمت توبة، وعاشت في براري الأردن، وبتوبتها شهدت وصارت شاهدة في الكنيسة. وفي هذا الشهر (يوليو) نحتفل بالقديس القوي أنبا موسى الأسود، الذي كان أيضًا سلوكه بعيد عن ربنا، وتعرف على القديس إيسيذورس وتاب على يديه. ومن القصص الجميلة أنه يُحكى عن القديس موسى القوي أنه كان يأكل خروفًا كل يوم، فلما بدأ يحيا في النسك انتقى القديس إيسيذورس فرع شجرة ضخمًا، واتفق مع القديس موسى أن يأكل ما يساوي وزن الفرع، وأخذ الفرع يجف قليلًا قليلًا، وكذلك طعام القديس موسى الذي تخلص من الشره بل وصار يصوم يومين يومين، ونما في توبته وصار قديسًا عظيمًا وشاهدًا في الكنيسة، نذكر اسمه، ونزور ديره، ونسمي أولادنا على اسمه. مثلما هناك في كنيستنا شهود للإيمان، هناك شهود للتوبة نضعها أمامنا. وحين يصلي الكاهن في القداس – بعد المجمع - ويقول: "اِهدنا يا رب إلى ملكوتك"، فمعناها: اجعلنا يا رب نعيش مثلما عاش هؤلاء شهودًا لك.
3. شهود للفضيلة: 
يعلمنا الإنجيل: «فقط عيشوا كما يَحِقُّ لإنجيلِ المَسيحِ» (في1: 27)، فوصايا الإنجيل هي التي تجعل مني شاهدًا للفضيلة. الفضيلة لا تعني مجرد أن الإنسان يمتلك صفات إنسانية جيدة، بل تعني أن له صفات مسيحية أصيلة تصل إلى حد تطبيق الوصية «أحبوا أعداءكم»، أن يستطيع أن يحب كل إنسان. كل يوم نصلي صلاة باكر وتقرأ قول الرسول بولس: «أسألكم أنا الأسير في الرب، أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دُعيتم إليها، بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة، مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل»، كل يوم كنيستنا تحثنا على حياة الفضيلة، وأن نكون شهودًا لها. من العبارات الجميلة التي قالها القديس مار إسحق: "شهية جدًا هي أخبار القديسين في مسامع الودعاء، كالغروس الجديدة"، فإن كنت تشعر أن حياتك فيها كسل أو فتور، أو أنك بعيد عن الله ولا تحس بوجود المسيح في حياتك، أنصحك أن تقرأ في السنكسار أو بعض سير القديسين، لأنهم نماذج للفضيلة أمامك. فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح، فحينما يكون الإنجيل حاضرًا في حياتك، تحيا الفضيلة. اجعل كلمة ربنا حاضرة أمامك دائمًا، ولتكن كلماتك مملحة بعبارات من الإنجيل، واجعل فكرك مشغولًا بالإنجيل. كثيرون يقولون لي أن ذهنهم فيه أفكار رديئة، تأتيهم من الإنترنت أو التليفزيون أو من الناس أو من الشارع... فكيف التخلص منها؟ الإنجيل المقدس هو الوسيلة الفعّالة لتنقية أفكارنا... فكلام الإنجيل هو روح وحياة، وهكذا عاشه الآباء وفسروه وقدموه، وعاشوا بكل كلمة مقدسة شهودًا للفضيلة.
4. شهادة الدم: 
وهؤلاء نسميهم شهداء، وعلى مدى التاريخ المسيحي أعدادهم لا تُحصى، وحتى يومنا هذا المسيحية في مواقع كثيرة في العالم تقدم شهداء. وفي مصر لنا نصيب كبير في شهادة الدم، التي هي قمة أنواع الشهادة. الإنسان الذي صار شهيدًا، شهد بدمه مثلما شهد بحياته، وفي هذا الشهر نحتفل باستشهاد القديس موسى القوي، والأمير تادرس، والقديسة مارينا، والقديس أبانوب الطفل. وقد يظن الناس أن شهادة الشهداء تنتهي بموتهم، لكن العكس صحيح، فقد صاروا شهودًا للكنيسة بدمائهم، وصارت سيرتهم حاضرة وموجودة، بل في تاريخ المسيحية بُنيت الكنائس فوق مقابر الشهداء. هناك عبارة جميلة تقول: "مقابر خدام المصلوب أروع من قصور الملوك"، وكلنا نذهب لمزارات القديسين والشهاء ونتبرّك منهم. 
ما أعظم بركة صلوات القديسين! إننا نتشفّع بهم. انظروا الغنى الموجود في كنيستنا، كيف أننا ونحن على الأرض لنا أصدقاء في السماء، ولنا تاريخ حافل. ولا تطنوا أن القديسين في السماء لا يدرون بحالنا، بل لقد عاشوا القداسة، وسبقونا إلى السماء، وهم شهود في حياتنا اليومية. صلوات القديسين لها قوتها العظيمة في حياتنا، وعندما نطلب شفاعتهم وصلواتهم، فهذه الصلوات تصير قوية جدًا.
الخلاصة أن القديسين هم شهود الكنيسة، وطوباك لو كان لك عدد من هؤلاء الشهود، تعرف سيرهم، وتعيش حياتهم، وتزور مواضعهم، وتستخدم أسمائهم وهكذا....



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx