اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون03 أغسطس 2018 - 27 أبيب 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

استمرارية الطاعة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

03 أغسطس 2018 - 27 أبيب 1734 ش

الطاعة كفضيلة كبيرة وهامة وتدل على الكمال، ولها تأثير رائع على حياة الإنسان إذ تجعله كالملائكة، خاصة لو استمر فيها، لأن من السهل أن تجذب هذه الفضيلة محبي الله والحياة معه. لكن قد يضعف الإنسان ويتراجع عن هذه الحياة الكاملة لأنه لم يستطع الاستمرارية، لكن هناك مَنْ يستمرون فيها بطريقة طبيعية وكاملة، مثل الملائكة النورانيين الذين يسبحون الله دائمًا ويوجدون في حضرته، ولهم صفات كثيرة وقوية وفيها فضيلة الطاعة، وقد قيل عنهم: «الصانع ملائكته رياحًا وخدامه نارًا تلتهب (أو لهيب نار)»... فالملائكة مخلوقات نارية قوية ونقية تسكن السماء في مجد عظيم لأنها تطيع الله «الصانعون أمره عند سماع صوت كلامه» (مز20: 21).

والطاعة أيضًا اتصف بها السيد المسيح له المجد إذ أطاع حتى الموت، موت الصليب، وقيل عنه: «مع كونه ابنًا تعلم الطاعة فيما تألم به» (عب5: 8)، وطاعته استمرت بصورة دائمة رغم أنه تجسد وتأنس وشابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها. وقد قيل عنه أيضًا: «وضعته قليلًا عن الملائكة، بمجدٍ وكرامةٍ كلّلته، وأقمته على أعمال يديك، أخضعت كل شيء تحت قدميه» (عب1: 7، 8)، وبذلك صار الرب يسوع رأسًا للبشرية الجديدة التي سترث ملكوت السماوات وتبقى في مجدٍ أبدي كما جاء في (عب5: 9) «وإذ كُمِّل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي».. هكذا يكون أولاد الله في طاعة كاملة له، يقتدون بالملائكة، ويتمثّلون بالرسل لطاعتهم للسيد المسيح الذي أخلى ذاته وتألم طاعةً للآب القدوس وقال له: «إن شئتَ أن تعبر عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك» (مت26: 39). وورد في (عب10: 7) «مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله». إن طاعة الابن للآب السماوي جعلته ذبيحة كفارة لخلاص البشر جميعًا، وصار رأسًا للبشرية الجديدة، لذلك فاستمرارية الطاعة في السيد المسيح كرأس للبشرية الجديدة المطيعة. وكذلك العذراء استمرت في الطاعة طيلة حياتها أيضًا... ومن هنا كانت الحكمة التي قالها القديس الأنبا بولا أول السواح: "مَنْ يهرب من الطاعة يهرب من الله".. وهكذا تكون الطاعة ذبيحة حب ورضى وسرور، لذلك هي تتناسب مع حمل الصليب الذي حمله الرب يسوع لخلاصنا. وكذلك العذراء قيل عنها: «وأنتِ يجوز في نفسك سيف» (لو2: 35)، وهذا قيل عن طاعتها في سر التجسد ووقوفها عند الصليب وهي أم المخلص.

إن مدرسة الطاعة بحمل الصليب هي اختبار يومي يعيشه كل مَنْ أحب الملكوت الإلهي على حياة الإنسان ليشارك في الملكوت الأبدي.

وقد قال الآباء في الرهبنة (طالبوا الملكوت)

1- الطاعة والمسكنة تخضعان الوحوش.

2- وقيل أيضًا: الاستمرار في الطاعة يطرد كل ما هو غريب وغير مقدس من القلب، فيتجلّى في نفس صورة ذاك الذي أطاع حتى الموت، أي يسوع.

3- وقيل كذلك: الطاعة هي عمل روحي داخلي، وليست مجرد خضوع من الخارج.

4- الطاعة العميقة في حياة القديسين أحدثت معجزات مثل الفرع الجاف الذي زرعه قديس فتحول بنموه العجيب إلي شجرة الطاعة ذات الثمرة العجيبة.

5- الطاعة هي جوهرة الراهب والمكرس الموروثة عن حياة القديسين.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx