مدينة اعتاد أهلها أن يقيموا عليها ملكًا لسنة واحدة، ويعطونه السلطة الكاملة والأموال الوافرة ليفعل ما يشاء، وفي نهاية السنة يخلعونه عن عرشه ويجردونه من حلته الملوكية، ثم ينفونه إلى جزيرة بعيدة لا يجد فيها طعامًا ولا شرابًا ولا يستطيع الخروج منها حتى يموت.
وفي إحدى السنوات اختاروا ملكًا ذكيًا حكيمًا يعرف عادتهم أنهم بعد سنة سينفونه إلى تلك الجزيرة، فلم يغترّ بما آل إليه من المال والسلطان وأخذ يفكر في مستقبله وكيف يتدارك الخطر الذي سيلحق به واستمع إلى مشورة الحكماء، ففتح خزائنه وأخذ منها أموالًا كثيرة وسلمها إلى عبيد ثقاة وأمرهم أن يسبقوه إلى تلك الجزيرة.
ولما انتهت السنة هاج عليه الشعب كعادتهم وخلعوه من ملكه وأرسلوه إلى تلك الجزيرة، فعاش هناك عيشًا سعيدًا بأمواله التي أرسلها قدامه.
التفسير:
+ المدينة هي الدنيا الغرورة الزائلة.
+ أهل المدينة الأشرار يرمزون إلى الشياطين الأردياء الذين يخدعون الناس بالمجد الباطل والملذات الوقتية.
+ الثورة هي الموت الذي يباغت الإنسان ويخلعه من العالم ويجرده من ملذاته.
+ الملوك الذين خرجوا فقراء منبوذين: هم الناس الذين عاشوا في الدنيا يحبون المجد الباطل ويتلذذون بالفانيات وينسون الباقيات.
+ المشورة الصالحة هي الوصايا الإنجيلية التي تقودنا للحياة الأبدية السعيدة.
+ الملك الحكيم الذي عمل بالمشورة هو الإنسان الذي يدخر لنفسه من الأعمال الصالحة والفضائل النافعة ما يضمن له الحياة الأبدية السعيدة.
كما قال الرسول: «مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَِلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (1تي6: 19).