اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون17 أغسطس 2018 - 11 ميسري 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

الطاعة والقداسة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

17 أغسطس 2018 - 11 ميسري 1734 ش

ارتبطت فضيلة الطاعة بحياة القداسة والقديسين، إذ ظهرت كفضيلة هي الأبرز في حياة كل مَنْ هم قدوة لنا، وأولهم السيد المسيح الذي أطاع الآب السماوي حتى الموت موت الصليب، وكذلك العذراء التي أطاعت في أمر يصعب استيعابه حين بشرها رئيس الملائكة غبريال المبشر بأنها ستحبل وتلد ابن الله الكلمة متجسدًا منها، وقالت «هوذا أنا أمة الرب، ليكن لي كقولك» (لو1: 38)... ومن هنا صارت الطاعة مرتبطة بالقداسة.

(1) هي دليل الإيمان القلبي: كما ظهر في حياة أبينا إبراهيم إذ قيل: «بالإيمان إبراهيم لما دُعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا، فخرج وهو لا يعلم إلي أين يأتي، وبالإيمان تغرّب في أرض الموعد كأنها غريبة» (عب11: 8)، فطاعة أحد رجال الإيمان جعلته يسير وراء الله وهو واثق أنه سيصل، حتى وان كان لا يعلم إلى أين يذهب، وبذلك يتضح أن فضيلة الطاعة ترجمة قوية للإيمان القلبي في عمل الله وقيادته له ولأسرته في كل أموره الحياتية...

(2) هي دليل الحرية الحقيقية الداخلية: فالطاعة هي الشكل الأكمل للحرية القلبية الداخلية من تسلط الأهواء الخاطئة والرغبات الشريرة، والشهوات القلبية التي توقع الإنسان في المعصية، وقمتها في انغلاق الذات على نفسها فلا تسمع لصوت الله ولا تصدق وعود الله ولا تريد حتى الاتصال بالله... من هنا كانت الطاعة دليلًا قويًا على التحرُّر من المشيئة الذاتية التي تكمن وراءها كل الأخطاء والشهوات. ولعل هذا هو دور الروح القدس الذي يقود المؤمن إلى خطوات الطاعة الإرادية التي تدل على حرية قلبية من شهوات أو أخطاء أو قيود يضع فيها الإنسان نفسه نتيجة عدم الطاعة أو رفض الاستماع القلبي الداخلي الذي تحدثنا عنه في فضيلة الطاعة الإرادية.

(3) دليل رفض المشورات الشريرة: يتلقى الإنسان طوال حياته الزمنية كثيرًا من المعارف والأفكار من مصادر عديدة، بعضها صالح أو غير صالح، وهنا تظهر أهمية فضيلة الطاعة في إنقاذ المؤمن من أي مشورة شريرة، لذلك جاءت الوصية الإلهية «أطيعوا مرشديكم واخضعوا لهم لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يُعطون حسابًا، لكي يفعلوا ذلك بفرح لا آنّين لأن هذا غير نافع لكم» (عب13: 17). وهنا نرى أن الطاعة تهب المؤمن الإنقاذ من الشر من خلال إرشاد روح الله له. لذلك يقول ذهبي الفم: "كيف يثبت ما يقدمه الخورس إذا أُلغي دور قائده؟ وكيف ينتصر جيش إذا أُبعد قائده؟ وكيف تصل سفينة إلى البر إذا عدمت مديرها؟ وكيف يستمر قطيع الخراف إذا اختفى الراعي عنه؟ وهكذا واضح أن الطاعة تُنجي المؤمن من الشر والأشرار".

(4) الطاعة ذبيحة حب تقدس النفس: فمجرد استعداد الإنسان لتنفيذ مشيئة الله في طاعة حقيقية، يقود إلي تقديس المشيئة كما في قول الكتاب: «ولكم محبه واحدة بنفس واحده مفتكرين شيئًا واحدًا... حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم. فلا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه، بل كل واحد إلى ما هو للآخرين أيضًا» (فيلبي2: 2، 3). ويؤكد القديس بولس: «إذًا يا أحبائي كما أطعتم كل حين، تمِّموا خلاصكم بخوف ورعدة» (في2: 12). وهكذا تقود الطاعة إلى القداسة بكل ما تحمله الطاعة من فضائل الإيمان والحرية ورفض الشر وتقديس الحب لإتمام الخلاص للنفوس الساعية للفضيلة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx