اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون31 أغسطس 2018 - 25 ميسري 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 33-34

اخر عدد

دعوة إلى لتوبة

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

31 أغسطس 2018 - 25 ميسري 1734 ش

مع نهاية السنة القبطية وبداية سنة جديدة، ليس أفضل من أن نتحدث عن التوبة الحقيقية وعملها في حياتنا. فكثيرًا ما نمارس سر الاعتراف كما تعلمنا من صغرنا، ولكننا في مرات كثيرة قد نمارسه بدون وعي روحي. والإنسان الروحي يعرف أهمية الاعتراف الذي تصاحبه التوبة، لأنه وحده يتسبّب في تغيير الحياة.
وفي الكتاب المقدس هناك أمثلة كثيرة لأناس قدموا اعترافًا عن أخطائهم، لكن لم تملك قلوبهم مشاعر توبة حقيقية، لذلك لم يغيّر هذا الاعتراف من حياتهم، بل ربما صارت إلى أردأ. فهذا قايين يجاوب أمام الرب أنه أخطأ عندما قتل أخاه ويقول: «ذنبي أعظم من أن يُحتمَل» (تك4: 13). وكذلك فعل فرعون مصر عندما نزلت بشعبه الضربات، واعترف أمام موسى وهرون «أخطأت هذه المرة الرب، هو البار وأنا وشعبي الأشرار. صلِّيا إلى الرب وكفى» (خر9: 27). وكذلك تكلم أيضًا عخان بن كرمي الذي كان سببًا في انهزام الشعب في مدينة عاي لأنه اشتهى وأخذ الغنائم التي حرّمها الله، وعندما انكشفت خطيته اعترف أمام يشوع بن نون وقال: «أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وصنعت كذا وكذا» (يش7: 20)، ولكن لأنه لم يتب صار سببًا في هزيمة كل الشعب. وهكذا أيضًا فعل يهوذا الإسخريوطي بعدما سلّم الرب يسوع، ذهب إلى الهيكل وردّ الفضة واعترف «قد سلمت لكم دمًا بريئًا»، ولكن لأن اعترافه لم تصاحبه توبة حقيقية، بل ندم نفسي ويأس، فقد أنهى حياته وفقد أبديته... إذًا فالاعتراف بدون توبة ليس هو ما يقصده الله.
فالرب دائمًا ينظر إلى القلب، وينتظر من الخاطئ قلبًا تائبًا قبل أن يقدم اعترافًا بالفم أو اللسان، ولذلك قبل الرب اعتراف داود النبي، والمرأة الخاطئة التي بلّت قدميه بدموعها، وزكا رئيس العشارين، واللص اليمين حتى في آخر لحظات حياته، لأنها كانت اعترافات تصاحبها مشاعر توبة حقيقية من القلب.
لذلك إن أردت أن تعيش توبة مقدسة، احرص أن تعترف بصورة روحية:
1) اعترف أمام نفسك في مخدعك الخاص أنك قد أخطأت أمام الله وخالفت وصاياه. واندم ندامة حقيقية دون أن تلتمس لنفسك الأعذار أو تقارن نفسك بمن هم أضعف منك روحيًا، فليس أفضل من أن ترجع بالملامة على نفسك في كل شيء كما علّمنا الآباء. اجتهد أن تهدأ إلى نفسك لتكتشف خطاياك، وإن لم تستطع اصرخ أمام الرب مصليًا «جَرِّبني يا رَبُّ وامتَحِنّي. صَفِّ كُليَتَيَّ وقَلبي» (مز26: 2)، فالصوم فرصة لنخضع أنفسنا لنور شمس البر، الرب يسوع وحده.
2) عندما تدرك خطيتك انسحق أمام الله واطلب غفرانًا من الرب كما فعل داود النبي، وكما صرخ كل رجال العهد القديم بمشاعر توبة حقيقية أمام الرب «قد أخطأنا وأثمنا» (دا9: 5)، وأيضًا كما كان لزامًا على رئيس الكهنة في العهد القديم أن يقرّ بخطية الشعب كلها أمام الرب في يوم الكفارة العظيم.
3) اهتم أن تذهب للكاهن وتقر بخطيتك أمام الله في مسامعه، لأن هذا يسبّب انسحاق نفسك، فتدرك صعوبة خطيتك ومرارة تبعاتها، فالكتاب يقول إن من يكتم خطاياه لا ينجح (أم28: 13)، فهكذا تقدمت الجموع ليوحنا المعمدان مقرّين ومعترفين بخطاياهم (يو2).
4) أخيرًا اذهب إلى من أخطأت في حقه، واعتذر له إن كنت أد اخطأت له ظاهرًا، أمّا إن لم يعرف بخطيتك تجاهه (كأن تكون قد دنته خفية)، فيكفي أن تعترف أمام الله والأب الكاهن.
اعلم أن التوبة هي جهاد مستمر، وليست كلمات تتلوها أمام أب اعترافك وينتهي الأمر، بل كن أمينًا في جهادك ضد الخطية، وتُب توبة حقيقية، وانتظر نعمة الرب التي لا تتخلّى عن التائبين الحقيقيين.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx