اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

أود أن أتحدث معكم اليوم عن عبارة وُجِدت في صلواتنا وهي "الخفـيّــات والظاهِـرَات" - مجلة الكرازة 6 مارس 2009 العددان (5-6)

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش

نقول مثلاً في صلاة الشكر: "كل تجربة، وكل فعل الشيطان، ومؤامرة الناس الأشرار، وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين، انزعها عنا..."

من هم الأعداء الخفيون والظاهرون؟

الظاهرون معروفون، أمّا الخفيون فمن هم؟

أول عدو خفي وأخطر عدو خفي هو الشيطان.

هو من الأعداء الخفيين. والشيطان قال عن نفسه إن عمله الجولان في الأرض والتمشي فيها، وقال عنه الكتاب إنه في الجولان في الأرض يبحث عن فريسة لكي يبتلعها (1بط5: 8).

هناك أمثلة لهؤلاء الأعداء الخفيين أي الشياطين.

في تجربة أيوب الصديق. أيوب حدث له خراب في بيته، منازله هُدِمت، ومقتنياته ضاعت، وأولاده ماتوا. هذه المصائب من الخارج رآها أيوب. ولكن الذي لم يره كيف أن الشيطان كان السبب في كل هذا. إنه عدو خفي لا يُرى. «وضرب أيوب بقرح من باطن قدمه إلى هامته»، وكان السبب هو الشيطان كما ورد في (أى2: 7).

والشيطان أحيانًا يحسد الناس الأبرار، ويحسد الأشخاص الناجحين، ويحاول أن يسبب لهم مشاكل.

فقد حسد الشيطان يوسف الصديق: وحرّض عليه إخوته فباعوه، وامرأة فوطيفار سبّبت له إشكالاً من حيث لا يدري. كل هذا من الشيطان فهو من الأعداء الخفيين. فالشيطان يستطيع أن يظهر في هيئة ملاك من نور لكي يخدع الآخرين، وبولس الرسول قال «لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور» (2كو11: 14).

وفي مرة من المرات ظهر لأحد الرهبان الأبرار وقال له: "أنا الملاك جبرائيل أرسلني الرب إليك". فرد عليه الراهب وقال له: "أنا إنسان خاطئ لا أستحق أن يظهر لي ملاك، لعلك أُرسِلت إلى غيري فأخطأت الطريق". فذهب عنه الشيطان.

ممكن الشيطان في مكره وخبثه أن يظهر في أشكال كثيرة معينة، وأحيانًا ينطق على أفواه بعض الناس، فأثناء صلب السيد المسيح بعض الناس قالوا له «إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب» (مت27: 40). فهذه العبارة قالها الشيطان على أفواه هؤلاء الناس.

بالنسبة ليهوذا يقول الكتاب «فبعد اللقمة دخله الشيطان» (يو13: 27).

فالشيطان من الأعداء الخفيين الذين يعملون أمورًا كثيرة. ففي وقت من الأوقات تكلم على أفواه الأنبياء الكذبة الذين شجعوا الملك آخاب على الحرب وقالوا له إنك سوف تنتصر، وكان كلامهم من الشيطان على أفواه الأنبياء الكذبة. والشيطان وراء كل الشكوك الإيمانية، ووراء كل أنواع الفساد، فلما نقول الأعداء الخفيين والظاهرين أول واحد نذكره في الأعداء الخفيين هو الشيطان.

ونطلب من الرب أن ينجينا منه. فهو يعمل ولكن الله أقوى منه، وأعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوات العدو.

+       +       +

وأيضًا من الأعداء الخفيين نفسك بالذات.

كما قال ذهبي الفم: "لا يستطيع أحد أن يضر إنسانًا ما لم يضر هذا الإنسان نفسه". فما معنى نفسك؟

فلنأخذ مثلاً شاول الملك في محاربته لداود.

كل سبب هذه الحرب الحسد الموجود في نفس شاول، بهذا الحسد لا يطيق أن ينجح داود. فإن نجح داود في أي عمل يشتعل شاول من الداخل، وإن غلب داود في حرب يزداد اشتعالاً داخليًا. فالحسد يقتله. فكان العدو الخفي هنا هو الحسد الموجود في داخل قلبه وهو الذي يضيعه.

آخاب الملك كان تعبان يريد حقل نابوت اليزرعيلي

ماذا كان يتعبه؟ شهوة قلبه أن يمتلك هذا الحقل. أكثر شيء يتعب الإنسان قلبه من الداخل، وفكره من الداخل، وشهواته ورغباته، ومشاعره، وانفعالاته.

أبشالوم ابن داود النبي الذي كان يتعبه هو قلبه وشهوته أن يملك مكان أبيه.

لم يكن له أعداء ظاهرون أبدًا، فالتعب كان داخليًا وهو أن يملك مكان أبيه، هذا الذي كان يتعبه أكثر وهو من الأعداء الخفيين.

قايين عندما قتل أخاه لم يكن له أعداء ظاهرون أبدًا. بل مشاعر قلبه من الداخل هي التي أضاعته.

+       +       +

من هم الأعداء الخفيون الآخرون؟

إنهم بعض الأحباء والأصدقاء الذين يدفعون للخطأ.

+ يعقوب أبو الآباء عندما خدع أباه اسحق أين كانوا هؤلاء الأعداء. أمه رفقة هي التي قالت له أذهب وافعل كذا.. وكذا.. (تك27)، هى التي دبرت له كل شيء. يا ليتنا نفهم من هم المحيطون بنا، ومن هم الذين يدفعوننا إلى الخطية أو يتسببون في هلاكنا أو أخطائنا على الأقل.

+ آخاب الملك عندما اشتهى أن يأخذ حقل نابوت اليزرعيلي ورفض تابوت، وعاد تعبان في المنزل، من هم الأعداء الذين وقفوا أمامه، زوجته إيزابل، إنها قالت له ما الذي يتعبك فنحن نستطيع أن نأخذ لك حقل نابوت، وصنعت كل تدبير ومؤامرة استطاعت بها أن يتهموا نابوت بالتجديف ويُقتل، ويأخذ آخاب الملك حقل نابوت.

فالأعداء الخفيون هنا هم زوجته في ظل صديقة محبة وتنفذ له كل ما يريد. ولكن كيف؟ بطريقة تضيعه وتهلكه. فلذلك قال له الرب في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت اليزرعيلي تحلس دمك أنت أيضًا (1مل21: 19).

هناك أناس يحيطون بالشخص كأصدقاء محبين، وهم يكونون أعداء خفيين يتسببون في هلاكه.

+ شمشون الجبار ما الذي ضيعه؟ البنت التي أحبها من كل قلبه دليلة. في مظهرها من الخارج صديقة وحبيبة، وفي الواقع هى كانت من الأعداء الخفيين، وقد تسببت في هلاك شمشمون من جهة قوته، وكرامته، وإن كان كان الله قد تراءف عليه في آخر يوم من حياته.

لا نقول الأصدقاء أحيانًا بل نقول المتظاهرين بالصداقة، فهم ممكن أن يكونوا سبب ضياع الإنسان. وهم الذين قال عنهم بولس الرسول إنهم أخوة كذبة. فهم أيضًا من الأعداء الخفيين؟

+       +       +

من الأعداء الخفيين الأشياء المخزونة في العقل الباطن.

فواحد يخزن في عقله صورًا وأفكارًا وشهوات ومناظر وحكايات،. تظهر كأحلام خاطئة أو ظنون أو أفكار. ما أكثر ما يكون العقل الباطن عدوًا للإنسان. لذلك يجب أن الواحد لا يخزن في عقله الباطن إلا كل شئ طاهر ونقي.

+       +       +

نقطة أخرى أن في صلاة الثلاثة تقديسات نطلب من الرب أن يغفر لنا خطايانا الخفية والظاهرة.

ما هي الخطايا الخفية التي نطلب من الرب أن يغفرها لنا؟

لو كانت ظاهرة لكنا نعترف بها ونقول يارب توِّبنا عنها. فهناك خطايا خفية نطلب من الرب أن يغفرها لنا.

+ مثل خطايا ارتكبناها في الطفولة أو في سنوات طويلة مضت لم نذكرها أبدًا. ونطلب من الرب أن يغفرها.

+ فهناك أناس لم نقم بواجبنا نحوهم وننسى الموضوع، عُرِضت علينا حالتهم ولم نتخذ أي موقف وكان يجب أن نساعد. هذه من الخطايا الخفية.

+ هناك أيضًا مواقف كان يمكننا أن نفعل فيها خيرًا ولم نفعل. ولا نعتبرها خطايا. لكنها تُعتبر خطايا لأن الكتاب قال "«إن من يعرف أن يعمل حسنًا ولم يفعل فتلك خطية له». فهذه من الخطايا الخفية أيضًا.

+ تقصيرات كثيرة في واجباتنا الروحية أو في خدمتنا، ولم نعتبرها خطايا، وهى مسائل يقع فيها كثير من الخدام، وكثير من الآباء الكهنة. تقصيرات في الخدمة لم نسحبها لأنفسنا. ولكن عندما نفيق لأنفسنا نراها من الخطايا الخفية. وتقع فيها أيضًا بعض الأمهات اللاتي لم يربين أولادهن تربية حسنة، وعندما كبروا يتعبونهن ويبدأوا يشكوا من أولادهم أنهم يفعلون ويفعلون.. فمن الخطايا الخفية أنك لم تربيه وهو صغير أو لم تعرفي أن تربيه.

+ مواقف أعثرنا فيها الآخرين سواء كنا ندري أو لا ندري. فهي من الخطايا الخفية.

+ كثيرًا ما جلسنا مع أناس في مواقف لا تليق وكنا نسمع وأحيانًا نشترك وأصبحت من الخطايا الخفية.

+ ووعود وعدنا بها الله ولم نوفِ بها ما أكثر هذه الوعود ونسيناها، فأصبحت من الخطايا الخفية.

+ إضاعة وقتنا أحيانًا في ما لا يفيد. لا أحد يظن أنها خطايا. ولكنها خطايا خفية لأن وقتك هو جزء من حياتك أعطاه لك الله لكى تستخدمه في الخير.

فالله لا يظهر لنا هذه الخطايا الخفية حتى لا نقع في اليأس أو في صغر النفس.

نطلب من الله أن الخفايا التي لنا تكون حسنة، الرب يباركنا عليها، ولا تكون خطايا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx