اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

أنا مسيحيّ

القمص بنيامين المحرقي

14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش

أنا مسيحيّ.. هكذا كانت إجابة الشهداء على السؤال: ما اسمك؟ فهذه الإجابة "أنا مسيحيّ" كلمة تحمل الكثير والكثير في مضمونها، إذ تتضمن ملخصًا وافيًا لاعترافهم بالإيمان المسيحيّ، مفضِّلين ذلك على أن يذكروا أسماءهم الخاصة. تعالوا في وسطنا اليوم، ونحن نعيد لكم، وأخبرونا يا شهداء الله، ماذا كنتم تقصدون عندما اعترفتم قائلينً: "أنا مسيحيّ".

1– "أنا مسيحيّ": لأن مسيحنا هو فخرنا ومجدنا، هو هدف حياتنا وعبادتنا. فحياتنا نابعة وصادرة عن المسيح، فلم نحب حياتنا حتى الموت لأجله. وكلمته نور لسبيلنا. ومجده دافع جهادنا حتى نكَمِّلُ «نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ: الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ» (كو1: 24).

2– "أنا مسيحيّ": "لقد كان ضمن ميثاق تبعيتنا للمسيح: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي» (لو9: 23). وها نحن نخفي ذاتنا: الاسم والشخصية بإرادتنا، ليظهر اسمه. لقد قال يوحنا المعمدان الذي عاش للشهادة قبلنا «يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ» (يو3: 30). وها نحن عشنا ندرب نفوسنا على حياة الإماتة الحقة (كو3: 5) قبل أن نموت بالجسد، منذ أن دُفنا مع المسيح في جرن المعمودية: «فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غلا2: 20).

3– أنا مسيحيّ: فنحن غرباء في هذا العالم «لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ» (يو15: 19). لقد كان مسيحنا من فوق، وليس من هذا العالم: «أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ» (يو8: 23).

4– أنا مسيحي: فمسيحنا إله قوي، غلب الشيطان وقيده، هكذا صعد إلى الصليب ليقابل الشيطان رئيس سلطان الهواء في عقب داره، وها نحن ندخل السجن الذي أسماه العلاَّمة ترتليان [هو بيت الشيطان، المكان الذي يجمع فيه عائلته (لأنه مكان اللصوص والزناه والمجرمين)]، لكي نطأ بأقدامنا على ذاك الشرير في مكانه المفضل، في مكان نفوذه. ليهرب إلى هاويته، كحية أُرغمت على الخروج من وكرها (إلى الشهداء1).

5– أنا مسيحيّ: نعيش على رجاء الحياة الأبدية، وهذه الآلام والعذابات تزكّينا للأبدية. لعلكم تتذكرون ما قاله القديس باسيليوس في مناسبة استشهاد Barlaam، الذي أحرقوا يده اليمنى بالنار، وأجبروه على عدم سحبها من على المذبح (المتقدة عليه النار)، ويتأمل القديس باسيليوس فيتصور الشهيد وهو يقول: [إن يدي تقدست، وهي ستشفع لي، كي أنال المجد] (عظة17).

6– أنا مسيحي: «لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ» (في1: 21)، مسيحنا حي، قائم وليس مائتًا، وهو سرّ حياتنا، فقد تحررنا من قيود الموت بالصليب، ولم يعد للموت سلطان عليَّ، فقد علمنا القديس أثناسيوس الرسوليّ: [إنه قديمًا قبل مجيء المخلص، كان الموت مرعبًا حتى بالنسبة للأبرار.. أما الآن بعد قيامة المخلص، لم يعد الموت مخيفًا، لأن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسون الموت كأنه لا شيء، بل بالحري يُفضلون أن يموتوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح، لأنهم بكل يقين أنهم حينما يموتون يحيون وبالقيامة يصيرون عديمي الفساد] (تجسد الكلمة27: 2). لذا نتوق للانتقال من هذا العالم، لأنه سيجعلنا نتحرر أكثر ونقترب أكثر من مسيحّنا وهناك «نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ» (1تس4: 17). وهناك [سيقيمنا جميعًا إلى عدم الفساد والخلود والتحرر من الألم في ملكوت أبديّ لا يفنى] (يوستينوس، حوار مع تريفون 117).

7 - يا شهداء الله: ألا يُضعف الإضطهاد من عزيمتكم؟ ألا يقلل من قوة الكنيسة؟

أنا مسيحي: [بالرغم من أننا نتعرض للصلب والذبح ونُطرح للوحوش والنيران ونقيد بقيود، إلاَّ أننا لن نتراجع عن إعلان إيماننا، وكلما يزداد علينا الاضطهاد يزداد أكثر فأكثر عدد الذين يدخلون الإيمان، ويعبدون الله باسم يسوع المسيح. وكما أن الأغصان المثمرة للكرمة عندما تُقطع تنبت وتنمو أغصان وثمار غيرها، هكذا الحال معنا نحن المسيحيين، لأن الكرمة التي غرسها الله مخلصنا هي شعبه. إن عبارة «فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَقُولُ الرَّبُّ أَجْمَعُ الظَّالِعَةَ وَأَضُمُّ الْمَطْرُودَةَ وَالَّتِي أَضْرَرْتُ بِهَا» (مي4: 6)، أي يضم المطرود من هذا العالم] (يوستينوس: الحوار مع تريفون110).

أطلبوا من الرب عنا يا مصاف الشهداء القديسين لكي ينعم لنا بمغفرة خطايانا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx