اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون28 سبتمبر 2018 - 18 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 37-38

اخر عدد

الحرية الصالحة (2)

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

28 سبتمبر 2018 - 18 توت 1734 ش

يقول الرسول بولس لأهل كورنثوس: «فإني إذ كنت حرًا من الجميع، استعبدت نفسي للجميع، لأربح الأكثرين» (1كو9: 19).

يعلن الرسول بولس أنه ليس فقط يتنازل عن حقوقه الخاصة باحتياجاته الزمنية، لكنه وهو حر يتنازل عن حريته بإرادته ليسلك كعبدٍ عند سادته. يخدمهم ويهتم بما فيه نفعهم كعبدٍ لا يعمل لحساب نفسه بل لحساب ممتلكيه، كمن لا حق له في أجرة أو مكافأة. يطيعهم حتى فيما يبدو غير معقولٍ أو مقبولٍ.

لم يكن الرسول بولس ملتزمًا ولا مدينًا لأحد، لكنه حسب نفسه ملكًا لكل أحدٍ، كأنه عبد للجماعة كلها، ملك للجميع.

يؤكد الرسول حريته، فقد وُلِد حرًا، يحمل الجنسية الرومانية بالمولد، لم يُستعبد لأحد قط. وبكامل حريته يشتاق أن يكون عبدًا لكل أحدٍ لكي يربحه الكل أبناء لله يتمتعون بحرية مجد أولاد الله. مسرته كعبدٍ أن يبعث السرور في سادته بأن يقتنيهم أبناء لسيد الكل ومحرر الجميع.

ولكن يحذر القديس بولس من عثرة الآخر بسبب حرية سلطاني فيقول: «ولكن انظروا لئلا يصير سلطانكم هذا معثرة للضعفاء» (1كو9: 9).

يحذرهم الرسول من إساءة استخدام سلطان الحرية وقوة ضمائرهم، فالحرية في الإيمان المسيحي لها التزام وهو الاهتمام بالضعفاء ومراعاة إمكانياتهم الروحية ومفاهيمهم. ففي حرية يأكل صاحب الضمير القوي مدركًا أن الوثن كلا شيء، بينما يتمثّل به الضعيف فيأكل ولكن بمفهوم آخر وهو الشركة مع الوثنيين في ارتباطهم بالأوثان.

3- الحرية وعدم الغضب: يقول القديس يوحنا الأسيوطي: "الغضب في القلب مثل السوس في الخشب". ويقول أحد الآباء: "حتى لو أقام الغضوب أمواتًا فكل ديانته باطلة". لأن حاكم نفسه خير من حاكم مدينة، «فإنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الإخوة، غير أنه لا تصيِّروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا» (غل5: 13).

+ الحرية وكلام الشر: يقول : القديس سلبيتيوس ساويروس: "امنع لسانك عن التكلم بالشر.. ضع لجام الوصايا على فمك حتى لا تتكلم مطلقًا إلا عندما يكون الصمت خطية".

4- الحرية والانشغالات الباطلة: يقول: القديس غريغوريوس أسقف نيصص: "مثل الحيوان الذي يدور في الطاحونة وهو مغمض العينين، هكذا ندور نحن في طاحونة الحياة. تتكرر دائمًا نفس الحركات وترجع ثابتة لنفس المكان.. أعني أننا ندور في الجوع والشبع لحد التخمة، والنوم والاستيقاظ، نفرغ أنفسنا ثم نملأها. أمر يتبع الآخر ولا نتوقف عن الدوران حتى نخرج من هذه الطاحونة".

+ ويقول كذلك القديس دوروثيؤس الغزي: "من يقدر أن يعيد لنا هذا الوقت الحاضر إذا ما أضعناه؟"، «آه يا رب لأني عبدك، أنا عبدك ابن أمتك، حللت قيودي فلك أذبح ذبيحة حمد، وباسم الرب أدعو» (مز116: 16). ويقول يشوع بن سيراخ: «هو صنع الإنسان في البدء وتركه يستشير نفسه، فإن شئت وحفظت الوصايا وأتممت ما يرضيه بأمانة، وضع أمامك النار والماء فتمد يدك إلى ما شئت» (سيراخ15: 13-16).

5- الحرية والصلوات الحارة: يقول القديس يوحنا كاسيان: "لا تغصب نفسك على الدموع فهي لا تأتي بالعنف، لئلا تسوقك إلى صغر النفس عن كثرة المحاولات الفاشلة.. ارفع عقلك في الصلاة واتركه ينبسط بحرية الإرادة ليحلّق في السماء، وترتفع عن الدموع العاقرة التي بالتغصب". حتى الصلوات يطلب منا آباء الكنيسة أن تكون بحرية إختيارية، مثل الطائر الذي يرتفع ويحلق في الأجواء العليا، كلما خف عن جاذبية الأرض والأرضيات.

6- الحرية والمعرفة: يقول القديس إسحق السوري: "قبل أن يتقبّل المؤمن المعزّي، يحتاج للنصوص المقدسة حتى يتجدد داخله لكثرة الدرس، وينجذب للعمل الصالح، وتُحفَظ نفسه من طرق الخطيئة.. إنه يحتاج لقوة الروح القدس في النفس لتتربي النفس سريًا من الروح، ولا تحتاج لمساعدة من أي شيء محسوس".

يقول القديس سارافيم ساروفسكي: "تتغذي النفس بكلمة الله وعلى الأخص بمطالعة العهد الجديد والمزامير. يجب أن نقرأ الإنجيل ورسائل الرسل واقفين أمام الأيقونات المقدسة. لأن الذهن يبتهج ويستنير من دراسة الكتاب المقدس". وهنا تبدو أهمية المعرفة والاستنارة بكلمات الوحي الإلهي المشبعة. وفي رسالة القديس يعقوب: «ولكن من اطلع علي الناموس الكامل ناموس الحرية وثبت وصار ليس سامعًا ناسيًا بل عاملًا بالكلمة، فهذا يكون مغبوطًا في عمله» (يع1: 25).

ويقول القديس سارافيم أيضًا: (المعرفة الروحية تجلب الرحمة): "يجب أن نمرّن الذهن على الهذيذ بناموس الرب حتى نرتب حياتنا بإرشاده.. مفيد جدًا أن ندرس كلمة الله بانتباه وفي الهدوء بانشغال مرتبط بالأعمال الصالحة فلن يحرمنا الله رحمته".

7- الحرية وكلمة الله المحيية: يقول القديس إيلاريون: "إن حياة الإنسان وفكرة يظلّان في الضلال أو بالحري في ليل عدم الإحساس مادمنا ملطخين بمعاشرتهما للجسد، ويبقيان في لجة الجهل بسبب ذلك. ولكن كلما استنار المرء بكلام الله، كلما صار غير قادر على تحمل ظلمات الجسد هذه وليل هذا العالم.. بل لننشر هذا النور في نفوسنا أولًا ثم في جميع العالم من خلالنا.. وفي كل خطوة نُقوِّم بها أنفسنا. لتستعمل كلام الله كسراج، وكلمة السراج تعنى أنه "موقد" دومًا ومعد دومًا بفطنتنا للقيام بمهمته".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx