اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون12 أكتوبر 2018 - 2 بابه 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 39-40

اخر عدد

مثلث الرحمات نيافة الأنبا بيشوي والعمل المسكوني

الأستاذ جرجس إبراهيم صالح

12 أكتوبر 2018 - 2 بابه 1734 ش

لقد اجتمعت في شخصية أبينا الطوباوي نيافة الأنبا بيشوي مواهب متعددة أهّلته أن يكون أحد قادة مسيرة الوحدة الكنسية على المستويين المحلي والعالمي.

فنيافته أحد رواد العمل المسكوني في جيلنا، كان يسعى دائمًا من أجل أن تتحقق الوحدة الكنسية دون تفريط في إيماننا الأرثوذكسي، وكان يمثل كنيستنا موفدًا من قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، ومن قَبل موفدًا من مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث، في كل الحوارات اللاهوتية على مستوى العالم في ربوعه المختلفة.

ونيافة الأنبا بيشوي هو أول أستاذ للمسكونيات في كلياتنا الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية والتربية. كما أنه خلال ثلاثة وثلاثين عامًا منذ 1985 وحتى وقت نياحته، أسس منهجًا إكاديميًا لمادة المسكونيات، اعتمد فيه على خبرته في العمل المسكوني والحوارات التي يشترك فيها، والاتفاقيات التي تمت أو التي مازالت موضع الدراسة.

ونيافته في عمله المسكوني وحواراته إنما كان ينتهج منهجًا وفق رأي كنيستنا القويم وتعاليم آبائها الكبار، بدون تفريط في أي نصّ لاهوتي واحد، فهو كما هو معروف عنه مدقق في إختيار التعبيرات اللاهوتية التي تعبّر عن جوهر الإيمان المسلّم مرة واحدة من الآباء القديسين.

نيافة الأنبا بيشوي ومجالات العمل المسكوني:

ربما يكون من الصعب حصر الأسفار العديدة التي سافرها نيافة الأنبا بيشوي من أجل مساعي الوحدة الكنسية أو الحوارات مع الكنائس الأخرى. ولكن يمكننا أن نحصر هذا النشاط كالآتي:

1- الحوار الرسمي مع الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية (الروم الأرثوذكس).

2- الحوار الرسمي والغير الرسمي مع الكنائس الكاثوليكية.

3- الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية.

4- الحوار مع الاتحاد العالمي للكنائس المصلحة W.A.R.C..

5- الحوارات المتعددة الأطراف التي تجري داخل قسم الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي، وداخل قسم الإيمان والوحدة بمجلس كنائس الشرق الأوسط، وكذلك في لقاءات الطلبة والأساتذة في رابطة المعاهد اللاهوتية بالشرق الأوسط.

هذا بخلاف اللقاءات مع بعض الكنائس كالكنيسة السويدية أو غيرها وهي لقاءات وليست حوارات.

في أسفار مرارًا كثيرة:

لقد قال معلمنا بولس الرسول هذه العبارة ليس على سبيل الافتخار وإنما لكي يعبّر عن أتعاب الخدمة والكرازة بالإنجيل، لكي تصل كلمة الله إلى كل نفس تتعطش لمعرفة السيد المسيح الإله الحق. ونيافة الأنبا بيشوي تنطبق عليه هذه الآية أشد الانطباق، فما كان يكاد يصل من مؤتمر حتى يجد في إانتظاره اجتماعًا آخر، سواء كان حوارًا أو لقاءً مسكونيًا، سواء كان عضوًا أساسيًا أو رئيسًا للقاء أو حتى مراقبًا، فلقد اتسع مجال العمل المسكوني في هذه الفترة. لكنه خلال الفترات التي بين اللقاءات كان يواصل أسفاره بين ربوع إيبارشيته الواسعة، يتابع مجالات الخدمة التي ائتمنه الرب عليها وأقامه أسقفًا لها، ولعلنا نحاول أن نعرض لأحد هذه الحوارات وهو:

الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية (الروم الأرثوذكس).

تعود بداية هذا الحوار إلى عام 1985 حينما بدأ بين العائلتين الأرثوذكسيتين برعاية مثلث الرحمات قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث، والبطريرك المسكوني ديمتريوس. واستمر بعد تنصيب البطريرك برثلماؤس الحالي لكرسي القسطنطينية. ففي سنة 1987 في كورونثوس، وُضِعَ الإتفاق اللاهوتي الأول بواسطة لجنة فرعية تقدمت بتقريرها إلى اللجنة العامة المشتركة للحوار، وكان لنيافة الأنبا بيشوي الدور البارز في إعداد هذا التقرير. وفي يونيو 1989 في دير الأنبا بيشوي بمصر، تحت رعاية مثلث الرحمات قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث.

وبناء على تقرير اللجنة الفرعية أمكن صياغة اتفاق لاهوتي حول طبيعة السيد المسيح على أساس تعليم القديس كيرلس الأول عمود الدين، هذا الاتفاق الذي لنيافته اليد الأولى والكبرى في صياغته، وقد عبّر مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث عن ذلك (حينما كنا نقدم له تهانينا بمناسبة هذا الاتفاق الذي أنهى خلافًا دام قرابة 15 قرنًا من الزمان كان بين العائلتين)، فقال قداسته: «قدموا التهنئة لنيافة الأنبا بيشوي، فهو الذي بذل جهدًا كبيرًا في إعداد هذا الاتفاق والوصول إليه»، وقد كرر قداسته هذا الكلام يوم عيد العنصرة 1997 خلال إلقائه كلمته في الإاحتفال بالسيامات الجديدة للآباء الأساقفة إذ أشار إلى أن نيافة الأنبا بيشوي كان له الجهد الأكبر في السعي نحو الوحدة مع الروم الأرثوذكس، من خلال العمل الشاق والتنسيق مع غبطته أثناء توقيع الاتفاق.

وقد ترتب على ذلك في 28 سبتمبر 1990، وفي ضاحية شامبيزيه بسويسرا، أنه تم الأتفاق على رفع الحروم بين العائلتين الأرثوذكسيتين، وأُرسل للمجامع المقدسة لكنائس العائلتين لكي تصدر قراراتها بشأنهما. وقد قَبِلَ مجمعنا المقدس هذه الاتفاقات في جلسة المجمع المقدس في عيد العنصرة 1990، ثم المجمع المقدس المنعقد في 12نوفمبر 1990 برئاسة مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده وسكرتارية نيافة الأنبا بيشوي. ويُلاحظ أن نيافه الأنبا بيشوي هو أحد رئيسي لجنة الحوار (Co-President Of The Joint Commission).

وكان نيافته مع المطران عمانوئيل (رئيس اللجنة عن الكنائس البيزنطية، وسابقًا المطران دامسكينوس) يواصلان شرح بنود الاتفاق لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية ومجامعها المقدسة، ويتوالى قبول الكنائس لهذا الاتفاق.

تعليم القديس كيرلس كأساس للاتفاق اللاهوتي:

لقد كتب نيافة الأنبا بيشوي عن ذلك يقول: «لقد بُني هذا الاتفاق على تعليم القديس كيرلس اللاهوتي السكندري، الذي دافع عن الوحدانية في طبيعة الكلمة المتجسد وفي شخصه، والذي اعتبر الإعتراف بلقب والدة الإله (ثيئوتوكوس) هو أحد البراهين الرئيسية على أرثوذكسية التعليم، ولهذا فقد نص الاتفاق على أن أساس التعليم الكريستولوجي هو العبارة التي قالها القديس كيرلس (ميا فيزيس تو ثيئو لوغو سيساركوميني - Mia Physis Tou Theou Logou Sesarkoumeni). وكذلك العبارة المماثلة (ميا هيبو ستاسيس - Mia Hypastasis Tou Theou Logou Sesarkoumeni - أقنوم واحد متجسد لكلمة الله) (راجع مذكرات نيافة الأنبا بيشوي لمادة المسكونيات. الطبعة الثامنة ص46).

القديس كيرلس عمود الدين وتلميذه نيافة الأنبا بيشوي

نستطيع أن نقرر وبحق أن نيافة الأنبا بيشوي تتلمذ على كتابات القديس كيرلس عمود الدين، واستطاع أن يضع شروحات لاهوتية توضح أن المعتقد الكريستولوجي في أساسه وجوهره واحد للطرفين بالرغم من اختلاف استخدام بعض التعابير الكريستولوجية. وأكد أن كنيستنا سوف تستمر في استخدام تعبير الطبيعة الواحدة حسب تعليم القديس كيرلس، وأن الروم أيضًا يستخدمون هذا التعبير.

ومن خلال فهم نيافته لتعليم القديس كيرلس استطاع أن يوضح ما هو معنى أن القديس كيرلس يؤكد على الاتحاد الطبيعي والاتحاد الأقنومي، مع توضيح معنى التمايز بالفكر فقط بين الطبيعتين، وهذا كان المدخل لإمكان الاتفاق بين الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية.

حقيقة إن نيافة الأنبا بيشوي، الذي اعتبر تعاليم كيرلس هي أساس الاتفاق، هو تلميذ القديس كيرلس عمود الدين.

نياحًا لنفس هذا المطران الجليل والعالم اللاهوتي في أحضان القديسين الأطهار، بصلوات أبينا الحبيب راعي الرعاة، صاحب القداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx