اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 نوفمبر 2018 - 30 بابه 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

صوت الدم

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

09 نوفمبر 2018 - 30 بابه 1734 ش

تألم الجميع لتكرار حادث قتل مصريين (أقباط) على طريق دير القديس الأنبا صموئيل المعترف، ظهر يوم الجمعة 2/11/2018م. ولا شك أن سفك الدماء له أصداء وأجواء وأنباء تملأ الأعلام وتصل إلي كل بيت داخل مصر وخارجها بسرعة كبيرة، نظرًا لانتشار الميديا الحديثة والتلفاز والنت والشبكات الإخبارية في كل العالم. وكم كانت مؤلمة وجارحة للقلوب التي تحب السلام ولا تريد الدم، لأن المصريين ليسوا دمويين ولا يحبون سفك الدماء. أمّا من جهة الله فيكره سفك الدماء لأنه ظلم للأبرياء والله عادل لا يحب الظلم، وقد قال لقايين: «صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض» (تك4: 10)، فرغم أن قايين كان قد أخفى الأمر حتى حين سأله الله: «أين هابيل أخوك؟»، فرد قايين: «لا أعلم،أحارس أنا لأخي»، فأجابه الله «ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك» (تك4: 9-11). وهنا نتساءل: لماذا صوت الدم قوي ويصرخ إلى الله؟.. لأن سفك الدم إنهاء حياة إنسان، فالدم يعني الحياة، وقد ورد في (مز5: 6) أن الله «يهلك المتكلمين بالكذب ويكره رجل الدماء»، لذلك كانت الصلاة في (مز59: 2) «نجّني من فاعلي الإثم ومن رجال الدماء خلصني» خاصة الدم البريء، لذلك في (مز106: 38) «أهرقوا دمًا زكيًا... وتدنّست الأرض بالدماء»، وفي (أم29: 10) «أهل الدماء يبغضون الكامل، أمّا المستقيمون فيسألون عن نفسه»، والمقصود هنا بأهل الدماء أي سافكي دماء الأبرياء الذين لا ذنب لهم. وقد ورد في (حبقوق2: 12) «ويل للباني مدينة بالدماء ولمؤسس قرية بالإثم، أليس من قبل رب الجنود أن الشعوب يتعبون للنار والأمم يعيون؟». لذلك فالله ينتقم من سافكي الدماء البريئة، فيقول في (رؤ6: 10) «وصرخوا بصوت عظيم قائلين: حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض»، وقد قال السيد المسيح لليهود في الويلات «لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفِك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن براخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح» (مت23: 35). ومكروه عند الرب مَنْ يسد أذنيه عن سماع الدماء (أي صوت الدماء) (إش33: 15).

ويقول القديس أمبروسيوس: "للدم صوت عالٍ يصل من الأرض إلى السماء". ومعني هذا أن صوت الدماء يخرج من الأرض ليخترق عنان السماء، وهو صوت لا يغلبه الموت ولا يحبسه القبر.

وسبب القتل فساد الإنسان الداخلي: أي أن حب الظلم والقتل ينبع عن فساد القلب الداخلي وكراهية الإنسان لأخيه، مما يُترجَم إلى قتل، ظنًا منه أنه سيستريح منه فيحدث العكس، إذ يطارده هذا الدم بصوت لا يسكت، وهذا ما حدث مع قايين أول قاتل في البشر، بعد أن قتل أخاه إذ قال عن نفسه «ذنبي أعظم من أن يُحتمل، إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك أختفي، وأكون تائهًا وهاربًا في الأرض، فيكون كل مَنْ وجدني يقتلني»، وجعل الرب لقايين علامة.. لقد حُرِم قايين من وجه الله، وهلك كقاتل وسافك دم، وعاش قلقًا مضطربًا لا يجد سلامًا، لأنه لا سلام للأشرار. لقد استهان بحياة أخيه، فحكم على نفسه بالإزدراء والاختفاء والتوهان في الأرض، كضال ومطرود من وجه الله الذي بعدله لا يقبل ظلمًا ولا قتلًا ولا سفكًا للدماء، لأنها صوتها قوي لا يختفي من أُذن القاتل، فيعيش ميتًا خائفًا مطرودًا لا يقبله أحد ولا يسالمه بشر على الإطلاق...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx