اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون23 نوفمبر 2018 - 14 هاتور 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 45-46

اخر عدد

بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لتدشين كنيسة مارجرجس بسبورتنج - المحبّة في الكنيسة.. وتذكار اليوبيل

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

23 نوفمبر 2018 - 14 هاتور 1734 ش

«بهذا يعرف الجميع أنّكم تلاميذي، إن كان لكم حُب بعضٌ لبعض» (يو13: 35).

هذه هي الكلمات التي اهتمّ ربنا يسوع أن يستودعها في قلوب تلاميذه في ختام رسالته على الأرض.. حتّى تصير الكنيسة قلبًا واحدًا وروحًا واحدًا، فالمحبّة بالفِعل هي التي تحفظ الوحدانيّة في الكنيسة، مثل الأعصاب التي تربط الجسد كلّه بالرأس، وتوفّر إحساس كلّ عضو بالآخَر.. وهو ما أكّده القدّيس بولس الرسول عندما تحدّث عن أعضاء الجسد التي تهتمّ ببعضها (1كو12) ولا تستغني عن بعضها، بل تسند بعضها، وتتكامل مع بعضها.. وتعمل كلّها لخدمة وبنيان ونموّ الجسد الواحد..

وعندما أحبّ السيد المسيح أن يؤكّد هذا كلامه عن المحبّة بمَثَلٍ عملي، نزل عند أرجل تلاميذه وأصرّ على غسلها.. ثمّ أوصاهم أن يغسل بعضهم أرجل بعض.. فهذه هي المحبّة، وهذه هي الخدمة.. وبعدها أكّد على محبته لنا إلى المنتهى بالسير في طريق الآلام والصليب حتّى الموت من أجل خلاصنا..!

في الحقيقة، إنّ المحبّة العمليّة تستلزم الكثير من التضحية والصبر والاحتمال والاتضاع والاستعداد للخسارة المادّية.. وهي تحتاج لطاقة داخليّة جبارة للقيام بكلّ هذا، وهذه الطاقّة لا تأتي إلاّ بمعونة روح الله القدّوس..

المحبّة ليست عملاً سهلاً أو رخيصًا، فتكلفتها دائمًا عالية.. لكن في المُقابِل ثمارها جميلة وعظيمة، لا يحصدها الإنسان وحده بل أيضًا الذين حوله، مع أجيال كثيرة تأتي لتستظلّ وتتآوى في شجرة المحبّة الوارفة..

هذه هي المحبّة التي عاشها وزرعها أبونا المتنيِّح القمص بيشوي كامل في كنيسة مارجرجس سبورتنج، بل في كلّ الإسكندريّة وبعض ربوع مصر والمهجر.. هي كالنور الذي يبدّد الظلمة ويفرّح القلب.. كالعِطر الذي يفوح برائحة المسيح الذكيّة ويجتذب الكثيرين.. كنسيم الأبديّة نتنفّسه ونحن على أرض غربتنا فيملأنا بالسلام والبهجة والشوق لأمجاد السماء..

وأيضًا على مدى سنوات طويلة، واصل آباء الكنيسة الأحبّاء مع مئات من الخُدّام والخادمات نشر روح الحُبّ، والمتاجرة بوزنة المحبّة التي هي مصدر الغِنى الحقيقي للكنيسة..!

وإذ نحتفل هذا العام باليوبيل الذهبي لتدشين هذه الكنيسة المباركة، التي اغتنت بعمل الروح القدس، وأغنت الكرازة المرقسيّة.. نذكُر أنّ كلمة "يوبيل" جاءت في الترجمة السبعينيّة بمعنى "العفو" "Remission".. وهي تشير إلى كمال ملكوت الله، وردّ كلّ شيء إلى أصله "Reset" في حياة جديدة أساسها العفو والمحبّة.. فإذا كان اليوم الثامن يشير لحياة جديدة بقيامة المسيح في يوم أبدي لا ينتهي، فسنة اليوبيل التي تأتي بعد سبعة أسابيع سنين، أي تسعة وأربعين سنة، تكون هي السنة الخمسين التي يتحرّر فيها العبيد، ويستعيد كلّ واحد ممتلكاته، وتختفي الفوارق بين الغني والفقير.. فقد تمّ العفو عن الجميع، بل صاروا أعضاء في مملكة المسيح متمتّعين بغفرانه ومجده..!

الاحتفال باليوبيل هو مناسبة جميلة للتوبة، وتجديد للعهد، وإنعاش حقيقي للمحبّة الأولى؛ التي هي سرّ حياتنا في المسيح يسوع.

هكذا تكون الكنيسة الناجحة.. تسري المحبّة في أعضائها، بالتغذية من التعاليم الروحيّة والتسابيح والتناول من الجسد الواحد، والارتواء بالروحٍ الواحد، ليصير الجميع وِحدةً واحدة.. فالمحبة هي علامة القوّة والترابط والنمو في الكنيسة.. فتصير نفسًا واحدةً وقلبًا واحدًا... وبهذا يتحقّق غرض الرب واشتياق قلبه أن يكون الجميع واحِدًا ثابتين في الإله الواحد (يو17).. عندئذ تكون الكنيسة بالحقيقة وَجْه المسيح على الأرض، وسِفارة السماء وسط العالم..!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx