اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون25 يناير 2019 - 17 طوبه 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 03-04

اخر عدد

ابن الإنسان

القس إبراهيم القمص عازر

25 يناير 2019 - 17 طوبه 1735 ش

هو أحد القاب الرب يسوع المسيح. أول من أشار إلى هذا اللقب هو دانيال النبي في رؤياه (دا7: 13-14)، في إشارة، إلى المسيح المنتظر الذي ستتعبّد له كلّ الشعوب. وقد أطلق الربّ يسوع هذا اللقب على نفسه للإشارة إلى أنّه هو متمّم كلّ النبوات. لذلك فابن الإنسان، هو نفسه ابن الله، الكلمة، المولود من الآب قبل كل الدهور، الذي في ملء الزمان اتخذ جسدًا من مريم العذراء واتحد به، اتحادًا حقيقيًا طبيعيًا، اتحادًا اقنوميًا، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، فصار هذا الجسد هو جسده الخاص بحسب تعبير القديس كيرلس الكبير. هذا الجسد (جسده الخاص) المتحد باللاهوت منذ اللحظة الأولى للحبل المقدس، هو الذي اختتن في اليوم الثامن، متمِّمًا الناموس، ومن خلاله اقتبل الروح القدس لنا في سر المعمودية، مكمِّلًا كل بر. وبه ذاق الموت من أجلنا ومن أجل خلاصنا، وبه صعد إلى السموات جالسًا عن يمين الآب، وسيأتي به في مجده مع ملائكته في مجيئة الثاني. فهو اتحاد دائم أبدي، فلاهوته لم ولن يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. ولهذا حرصت الكنيسة المسترشدة بالروح القدس أن تُدخلنا إلى هذا الإيمان من خلال سلسلة من الأحداث والأعياد، أعياد الظهور الإلهي، لتؤكد لنا على ناسوتية الرب يسوع، فجسده كان حقيقيًا، وناسوته كان كاملًا، فلقد شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها. ولذلك، فكما واجهت الكنيسة وبشدة كل الهرطقات التي تحاول أن تُنقص من لاهوت الرب يسوع وألوهيته (كالآريوسية)، رفضت الكنيسة أيضًا ووقفت بقوة أمام كل المحاولات التي حاولت أن تجرد الرب يسوع من إنسانيته الكاملة (كالنسطورية، والأوطاخية). فالخلاص الذي تحياه إنسايتنا، والفرح الذي تعيشه كنيستنا، والمجد الذي ينتظر بشريتنا، هو ناتج عن اتحاد اللاهوت بالناسوت.. فلو لم يكن المسيح هو الله، ما كان للفداء قيمة. ولو لم يكن الله اللا زمني تجسد في صورة إنسان وصار تحت الزمن، ما كانت البشرية تمتعت بالخلاص، ولا صار لها موضع خارج الزمن أي الأبدية. فالاتحاد القائم بين الطبيعتين هو ينبوع البركه والنعمة والخلاص في مسيحيتنا. وهذا الاتحاد ليس فقط سر الخلاص المُقدَّم عود الصليب، بل هو أيضًا سر استمرار الخلاص في الكنيسة بالروح القدس العامل فيها وبها. فبتجسد الابن الكلمة صارت المادة مقدسة، وسر تقديس، وذلك بإعادتها إلى وظيفتها الأصلية، كسابق عهدها، وسيلة لإعلان حضور الله والشركة معه. فالرب يسوع المسيح باتحاده بطبيعتنا، ونزوله مياه الاردن، قدس المياه وجعلها تحمل نعمة الخلاص للعالم، فيها نولد من جديد، فتكون سر ميلادنا الثاني للحياة الجديدة التي تبدأ هنا، وتمتد للحياة الأبدية. وزيت الميرون، يصير سر سكنى لروح الله وتدشين للجسد الإنساني، فالإنسان المسيحي الذي يلبس المسيح (المعمودية) يتحول جسده إلى مسكن للروح، ويكون انعكاسًا لصورة المسيح في العالم، لأننا هيكل الله وروح الله يسكن فينا. أمّا مادتي الخبز والخمر، فيتحولان بقوة الروح القدس إلى جسد حقيقي ودم حقيقيي، فيكونا سر حياة لا تنتهي، كما أكد الرب يسوع قائلًا: «من يأكل جسدي ويشرب دمي له حياة أبدية»... وهكذا باقي الأسرار الكنسية. بل والكنيسة كلها، بكتبها، بأيقوناتها، ومبانيها، وستورها، وأبوابها... تصير مقدسه وسر بركة ونعمة وشفاء للبشرية كلها. فبحضور ابن الله إلى عالمنا وتجسده واتحاده بطبيعتنا ليصير ابنًا للإنسان، تقدس الزمان والمكان والإنسان، ليصير العالم كله للرب ومسيحه.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx