اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون25 يناير 2019 - 17 طوبه 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 03-04

اخر عدد

أنا كالخراف بين يدي
أيها الفخارى الأعظم أنا كالخزف بين يديك عد واصنعنى وعاءً آخرمثلما يحسّن فى عينيك

دكتور رسمي عبد الملك

25 يناير 2019 - 17 طوبه 1735 ش

يحدثنا سفر إرميا (18)، أن الفخارى وهو يصنع عملًا على الدولاب، «ففَسَدَ الوِعاءُ الّذي كانَ يَصنَعُهُ مِنَ الطّينِ بيَدِ الفَخّاريِّ، فعادَ وعَمِلهُ وِعاءً آخَرَ كما حَسُنَ في عَينَيِ الفَخّاريِّ أنْ يَصنَعَهُ. فصارَ إلَيَّ كلامُ الرَّبِّ قائلًا: أما أستَطيعُ أنْ أصنَعَ بكُمْ كهذا الفَخّاريِّ يا بَيتَ إسرائيلَ، يقولُ الرَّبُّ؟ هوذا كالطّينِ بيَدِ الفَخّاريِّ أنتُمْ هكذا بيَدي يا بَيتَ إسرائيلَ» (إر 18: 4-6). ويقول فى (إشعياء  64: 8): «والآنَ يا رَبُّ أنتَ أبونا. نَحنُ الطّينُ وأنتَ جابِلُنا، وكُلُّنا عَمَلُ يَدَيكَ».

الله لا ييأس من الإنسان، ولا يرميه من أمامه، بل يعيد تشكيله، ويطهّره، وينزع عنه العادات الرديئة. هذا الفخارى الأعظم يعيد تشكيلنا مرة ثانية عندما نفسد، ولا يلقينا عنه. الله يشكّل كل إنسان لعمل معين وخدمة معينة، لأننا نحن عمله هو الذى صنعنا، وخلقنا لأعمال صالحة بالطبع، قد سبق الله فأعدها لكى نسلك فيها (أف 2: 10).

ها نحن أمام إعادة تشكيل «شاول»، الذى ظلّ ينفث تهديدًا وقتلًا على تلاميذ الرب، لكن قرر الرب إعادة تشكيل هذا الإناء، فبغتة أبرق حوله نور من السماء وسمع صوت «الفخارى الأعظم»: «شاول شاول لماذا تضطهدنى؟ صعب عليك أن ترفس مناخس»، ووجّه الرب حنانيا أن يذهب إلى شاول، وعندما علم حنانيا قال: «يا رب كم من الشرور فعل بقديسيك فى أورشليم»! تأمل عزيزى القارئ فى قول الرب لحنانيا: «اذهَبْ! لأنَّ هذا لي إناءٌ مُختارٌ ليَحمِلَ اسمي أمامَ أُمَمٍ ومُلوكٍ وبَني إسرائيلَ. لأنّي سأُريهِ كمْ يَنبَغي أنْ يتألَّمَ مِنْ أجلِ اسمي» (أع 9).. وهكذا أُعيد تشكيل الإناء شاول إلى الإناء بولس، الرسول العظيم بين الرسل والتلاميذ.

ويذكر لنا الكتاب المقدس صورة أخرى لإعادة التشكيل: زكا العشار، ذلك الرجل الظالم القاسى المكروه من المجتمع؛ نجد السيد المسيح يقف فى وسط الزحام لهذا الشخص بالتحديد، وينظر له ويتحدث معه. ألم تتساءل عزيزى القارئ: ما الذى جعل السيد المسيح يهتم بهذا الشخص الخاطئ المُحتقَر من الناس؟ لا بد من إعادة تشكيل هذا الإناء لاستخدامه، رغم أنه محتقر ومرذول من الناس والمجتمع.

إذًا هناك حقيقة أكيدة هي أن هناك هدفًا محددًا خلقنا الله لأجله، لكن دعنا نتساءل، لماذا يفسد الإنسان؟

من المؤكد أن فساد الانسان، نتيجة مقاومة إرادة الإنسان لإرادة الله، ولنتذكر عندما وبّخ يسوع أورشليم: «يا أورُشَليمُ، يا أورُشَليمُ! يا قاتِلَةَ الأنبياءِ وراجِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كمْ مَرَّةٍ أرَدتُ أنْ أجمَعَ أولادَكِ كما تجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تحتَ جَناحَيها، ولَمْ تُريدوا!» (مت 23: 37).

ولكن الله الفخارى الحكيم، قادر أن يعيد تشكيل هذا الإنسان، ويعطيه مكانًا آخر لخدمة أخرى تتناسب مع تشكيله الجديد الذى أعاده الله بأصابعه، هذه الأصابع التى تشير إلى نعمة الله العاملة فينا، لذلك قال السيد المسيح عن الروح القدس إنه أصبع الله (لو 11: 20؛ مت 12: 28)، هذه الأصابع تعمل من خلال ذراع الله القوية التى تحرك اليد التى تضم هذه الأصابع (ذراع قدسه – إش52: 10)، وما نحن إلّا آنية من خزف نحمل هذا الكنز، ولكن لنا هذا الكنز فى أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منّا (2كو 4: 7). وقد لا نبدو أحيانًا فى مناظر جذابة، لكن الرب اختارنا رغم عدم التألق، فالله يستخدم نقاط ضعفنا كما يستخدم مراكز قوتنا، ونجاح رسالتنا ينبع من الداخل، حيث يسكن الله فينا، ويعمل بِنَا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx