اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 05-06

اخر عدد

الثعالب الصغار المفسدة الكروم

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش

تشير الثعالب الصغار إلى خطايا تبدو للناس أنها صغيرة، وقد لا ينشغل البعض بهذه الأفكار التي قد لا يشعر بها البعض، بينما هي السبب في ضياع ثمار روحية كثيرة..

هنا نُشبه حياتنا الروحية بالكروم حسبما قال الرب يسوع : «أنا هو الكرمة الحقيقية وأبي الكرّام، كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه، وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر» (يو15: 1-2). فالحياة مع الله مثل الكرمة، أو حتى الحياة العملية أو الحياة العائلية.. كلها مُشبهة بالكرمة، والعبرة في الحياة هي الثمر الذي ينتج عن الكرمة (العناقيد). ومعروف أن أي نبات ينتج عنه ثمر تظهر زهرات يجب الحفاظ عليها حتى تتحول هذه الزهرات إلى ثمر (العنقود) الذي يحمل عصارة الكروم... ودخول الثعالب الصغيرة التي لا تتغذى على النبات ولكن تحاول إفساد العناقيد بنفض الزهرات عنها حتى لا تخرج حبات العنب المفيدة.. «خذوا لنا الثعالب الصغار المفسدة الكروم لأن كرومنا قد أقعلت (أزهرت)» (نش2: 15).

فالسبب في الحذر من الثعالب الصغار أنها مفسدة الكروم، لأن الكروم قد أزهرت أي بدأت فيها الأزهار تظهر وهي مقدمة الثمر، فإذا قضم الثعلب العنقود وأفسد إزهاره لن تظهر فيه حبات العنب كثمر...

هنا خطورة الحرب الروحية التي تستهدف القضاء على الثمر، لأن العبرة في النصرة الروحية بظهور الثمر. وورد على لسان يوحنا المعمدان: «هوذا الفأس قد وُضِعت على أصل الشجرة، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا تُقطَع وتُلقى في النار» (لو3: 9)، وهذا يُظهر خطورة عدم الثمر، لماذا؟ لأن النتيجة هي عدم الاستمتاع بالعريس كما في (نش2: 16) «حبيبي لي وأنا له، الراعي بين السوسن».

كلمة «خذوا» أي أمسكوا أو اضبطوا أو انتبهوا إلى الثعالب الصغار التي هي مفسدة الكروم وتمنع ثمرها... وهذا يُشير إلى فعل الضبط، لأن السهو عن هذا أمر خطير جدًا، وهذا يتطلّب الحرص من هذه الثعالب الصغار المفسدة الكروم، خاصة الكروم التي تفيح رائحة القعال (الأزهار).. غير أن رائحة الأزهار في النفس البشرية المؤمنة (العروس) تجعل العريس السماوي (ربنا يسوع المسيح) ينادي ويطلب «قومي يا حبيبتي يا جميلتي يا كاملتي»!!! مجرد ظهور الزهر الذي يشير إلى الثمر يعلن الكمال المُنتظَر المرغوب، ولذلك يطلب العريس السمائي من عروسه «يا حمامتي في محاجئ الصخر في ستر المعاقل أريني وجهك أسمعيني صوتك لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نش2: 14)، والمقصود بمحاجئ الصخر وستر المعاقل هي الأماكن الآمنة التي لا تسمح بدخول أي ثعلب صغير، وبالتالي لا يؤثر على العناقيد المزهرة، فيتحقق الثمر وتسري العصارة فتصنع العناقيد بحبات العنب المفيدة، فتتكامل الكرمة بثمارها فَيُسْتفادُ بها...

لكن يجب الحذر جدًا من ترك منافذ صغيرة قد لا يخاف منها أحد ولكنها تسمح بدخول الثعالب الصغيرة، فقد يبني صاحب الكرم أسوارًا عالية ليحمي كرمه من الثعالب بكل أنواعها، ولكن قد يترك فتحات صغيرة جدًا يتسلل منها ثعالب صغيرة قد لا يتحسّب منها أحد، فتدخل وتفسد الكرم إذ ينجذب إلى رائحة الأزهار في الكرمة ويقصد أن يفسدها ويسقطها من العنقود حتى لا تتحول إلى ثمار حقيقية. لذلك نصلي لحن "أيها الرب إله القوات ارجع وأطلع على هذه الكرمة التي صنعتها يداك".

إنها العلاقة المقدسة الخاصة جدًا بين النفس البشرية المؤمنة وعريسها السمائي لأنه يحبها: «قائلًا: أسمعيني صوتك (لأن صوتك لطيف) وأريني وجهك (لأن وجهك جميل)»، وكل ذلك يعكس مدى خطورة الثعالب الصغيرة التي تُفسد كل هذه العلاقة لأنها لن تثمر ثمرًا حقيقيًا، لأن الأزهار ستسقط بفعل الثعالب الصغار هذه، فتختفي العناقيد المثمرة وتنتفي العلاقة بين العريس وعروسه. لذلك نطلب عمل الله في حياتنا الروحية ليحفظها ويطهرها ويقدسها ويحفظ ثمارها من الضياع، ويحوطنا بحراسته الإلهية لننجو من الثعالب التي تتسلل إلى العناقيد المزهرة...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx