اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 05-06

اخر عدد

اذكروا المقيّدين

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش

«اذكروا المقيّدين كأنّكم مُقَيَّدون معهم، والمُذَلّين كأنّكم أنتم أيضًا في الجسد» (عب13: 3)..

وَرَدَت هذه الآية الجميلة ضمن الوصايا الختاميّة في رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين.. وهي في مجملها وصايا تحثّ على التمسُّك بالمحبّة العمليّة.. فلماذا يطلب مِنّا الرسول أن نذكر المقيّدين بمثل هذه المشاعر الأخويّة الحارّة..؟!

1- الحقيقة أنّ المحبّة الأخويّة تبدأ بالإحساس بالآخَر.. الإحساس بمشاعره وظروفه واحتياجاته، إذ أنّنا أعضاء في جسد واحد، وأعضاء بعضنا لبعض (1كو12).. فالمحبّة تربطنا ببعض، مثل الأعصاب التي تربط كلّ أعضاء الجسد ببعضها وتوصِّل الإحساس بينها.. فإذا غابت المحبّة سيفقد الإنسان الإحساس بالآخَر، وبالتالي ستفقد الممارسات الروحيّة معناها، بل وتكون غير مقبولة أمام الله.. وينطبق علينا قول الكتاب: «أنّ لك اسمًا أنّك حيّ، وأنت ميّت» (رؤ3: 1).

2- التلامس مع المتألّمين هو تلامس مع المسيح شخصيًّا.. تلامس مع أعضائه المجروحة، كما حدث مع توما.. فاشتعل قلبه وأضاء بنور الإيمان وصرخ: «ربّي وإلهي» (يو20: 28). وهذا التلامس مع المقيّدين قد يكون في زيارة لمسجون أو افتقاد لمريض في مستشفى، أو اهتمام بأحد كِبار السنّ مِمّن أقعدتهم الشيخوخة والأمراض.. مع تقديم مساهمة في احتياجات كلّ هؤلاء..

3- المقيّدون ليسوا هم فقط المحبوسين والمربوطين بأمراض جسديّة صعبة، ولكنّهم أيضًا المقيّدون بالخطيّة.. بعادات رديئة.. بمحبّة ضارّة.. بعلاقات شرّيرة.. هؤلاء يحتاجون أن نذكرهم في صلاتنا، ونهتمّ بخلاص نفوسهم قدر طاقتنا، ونقدِّم لهم شخص المسيح الذي يحرِّر من كلّ قيد.. نقدّم لهم الحُبّ والإرشاد وكلام الإنجيل المُحيي، بروح الاتضاع والحكمة..

4- كما علّمنا السيّد المسيح، وأعطانا نفسه مثالاً، هكذا ينبغي أن نسلك.. فكما تألّم لأجلنا وحمل أوجاعنا، هكذا نحن يلزمنا أن نذكر المقيّدين والمُذلِّين، متذكّرين الآية الجميلة التي جاءت في رسالة غلاطية: «احملوا بعضكم أثقال بعض، وهكذا تمِّموا ناموس المسيح» (غل6: 2).. فكما حمل المسيح أثقالنا، هكذا نحن ملتزمون بهذا المنهج، أن نحمل أثقال الآخرين متمثّلين بإلهنا ومخلّصنا..

5- عندما نذكر المقيّدين والمُذَلِّين، فنحن نخرج خارج ذواتنا، ونكسر طوق أنانيّتنا، فتتّسع دوائرنا وننفتح على الآخرين.. وهذا يساعد على نموّنا النفسي ويُثري شخصيّتنا.. وهو ما أوصانا به الإنجيل أيضًا: «لا تنظروا كلّ واحد إلى ما هو لنفسه، بل كلّ واحد إلى ما هو لآخرين أيضًا» (في2: 4).

6- يلزمنا أن نضع في حساباتنا دائمًا أنّ الجسد ضعيف.. ما أسهل أن يَمرَض أو يتألّم أو يُجرَح أو يُكسَر.. لذلك إذا كُنّا بصحّة جيِّدة ولا نعاني من أمراض أو قيود صحّيّة، فهذه مرحلة لن تدوم.. ومادام الله قد أعطانا الآن نعمة الصحّة والقوّة، فلنترفّق بالمقيّدين والمُذَلِّين، ونمدّ لهم يد المساعدة، ونحاول أن نرفع معهم بعض أثقالهم..

7- لا يظُنّ أحدٌ أنّ التلامس مع المقيّدين والمُذلِّين يولِّد غمًّا في القلب، بل العكس هو الصحيح، فإن العطاء في هذا الاتجاه بمحبّة يولِّد في القلب فرحًا وسعادةً حقيقيّة.. كما قال السيّد المسيح: «السعادة في العطاء أكثر من الأخذ» (أع20: 35).. لأنّ العطاء يحرِّك الروح القدس داخلنا، فعندما يفرح الروح بنا، فإنّه بدَورِهِ يملأ قلوبنا بالفرح والبهجة..!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx