اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 05-06

اخر عدد

قم اصرخ إلى إلهك (يونان 1: 6)

القس إبراهيم القمص عازر

08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش

في آريوس باغوس وجد بولس الرسول مذبحًا مكتوبًا عليه لإله مجهول، فالناس قد يجهلون الله، ولكنهم لا يكفون عن البحث عنه. وفي السفينة لجأ كل واحد من البحارة إلى من يظنون أنه هو الله. فالإنسان قد يحيد عن معرفة الإله الحقيقي، ولكنه دائمًا يترجاه ويلجأ إليه في محنته وضيقة نفسه. فالبحث عن الله هو رغبة كيانية عميقة ومتأصلة، ومغروسة في الكيان الإنساني، ومطبوعة في أعماق القلب البشري. حقًا قد تخفت أحيانًا، أو تخطئ الاتجاه أحيانًا أخرى، ولكنها أبدًا لا تنتهي أو تختفي. فالله هو أصل هذه الرغبة ومصدرها، هو هدفها وغايتها. لقد خُلقنا لله ولن نرتاح الّإ فيه. ولكن سعي الإنسان نحو الله يقابله من البداية سعي وشوق إلهي غير متناه، فالله دائمًا هو صاحب المبادرة. فالله يبادر فيرسل يونان إلى أهل نينوى برسالة مباشرة، وفي الطريق يستخدمه مع البحار’. حقًا هو إله الإعلان، فالله يريد أن يكشف عن ذاته ويعلن عن شخصه، ويعطي معرفة حقيقية ونقية، غير مختلطة لا بأفكار الناس ولا بخبراتهم المشوهة. فالله في سفر يونان لا يتجاهل الإنسان، حتى لو أهمل الإنسان الله، سواء جهلًا (البحارة)، أو عمدًا (نينوى)، أو ضعفًا (يونان).

وفي كشفه عن ذاته، يقدم نفسه، بأنه الإله المخلّص. ففي سفر يونان يكشف الله عن ذاته، ليس فقط باعتباره الإله الخالق العظيم صاحب السيادة والسلطان المطلق على خليقته العاقلة وغير الناطقة، ولكنه أيضًا الإله المخلّص، إله الوعود والعناية والرعاية. ولذلك فبالرغم من أن لله أسماء كثيرة في العهد القديم، تعبّر عن عمله وتكشف عن شخصه، مثل "إيلوهيم" (الله الخالق)، "أدوناي" (السيد الرب)، "إيليون" (الإله العلي)، "إيل شدّاي" (الإله القدير)؛ ولكننا نراع في سفر يونان يستخدم اسمًا آخر وهو " يهوه"، الاسم إلى ارتبط بقصة خلاص الشعب من عبودية فرعون، فهو الإله المخلص. الإله الذي يبحث عن الإنسان، كل إنسان. يبحث عن خلاص يونان الخادم الذي يعرفه، والبحارة الذين يجلهونه، وأهل نينوى الذين يعصونه. هو الإله الشخصي الذي يهتم بالفرد، وهو إله مبارك على الكل، يهتم بالبحارة وأهل نينوى، بل وحتى بالحيوانات الكثيرة. وفي خلاصة يستخدم يونان من أجل البحارة وأهل نينوى، ويستخدم البحارة من أجل يونان، ويستخدم الخليقة الغير ناطقة (النبات والحيوان) من أجل خلاص خليقته الناطقة (الإنسان).

في الحقيقية إن سفر يونان هو سيمفونية رائعة يعلن فيها الله عن شخصه، ويكشف عن عمله الخلاصي، وسعيه الدوؤب من أجل الإنسان محبوبه. الله الذي يقترب من الإنسان، كاشفًا عن ذاته، معلنًا لخليقته أن سلطانه وقدرته وقوته هي في الحقيقية من أجل خلاص خليقته والعناية بها. ولذلك يأتي مشهد يونان وهو ملقىً في بطن الحوت، ثم خارجًا منه حيًا، كآية تخرج من نطاقها التاريخي لتحمل لنا بُعد آخر رمزيًا، كشف عنه الرب يسوع في العهد الجديد. كمعجزة ترمز إلى سر خلاصه، الذي تمّمه بموته وقيامته، ليعلن لنا أن آية يونان النبي هي الآية العظيمة لهذا الجيل وكل الأجيال، إذ تعلن سر الخلاص وقوته، أي سر موت المسيح وقيامته في اليوم الثالث. فالمسيح له كل المجد هو يونان العهد الجديد الذي أعلن خلاص الله، الخلاص الذي فتش وبحث وتنبأ عنه الأنبياء، فجاء الرب يسوع وتممه بذبيحه جسده الذي قدمه على عود الصليب، ثم قام ناقضًا أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx