ونحن في بداية الصوم الكبير تقودنا كنيستنا القبطية المُلهَمة من الروح القدس في الصوم، في رحلة مثلها مثل باقي الرحلات، لها استعداد وهدف ووسيلة للوصول إلى هذا الهدف.
الاستعداد للرحلة:
مثل أيّة رحلة نستعد لها، تُعدّنا الكنيسة في أحد الرفاع إلى هذه الرحلة، فتكلمنا عن أركان العبادة: الصوم والصلاة والصدقة، لكي نعرف أننا لا يمكن أن نصوم بدون الصلاة والصدقة، فهما جناحا الصوم وبهما يُقبل.
الهدف من الرحلة:
تضع لنا الكنيسة في الأحد الأول من الصوم الهدف من الصوم وهو الملكوت، فتختار الفصل الذي يقول فيه رب المجد: «اطلبوا أولًا ملكوت الله وبرّه، وهذه كلها تُزاد لكم»، وتشرح لنا ثلاث خطوات للملكوت: أن نهتم بأن يكون كنزنا في السماء لأنه «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك»، ولكي ندخل الملكوت علينا أن تكون لنا العين النقية لأنها سراج الجسد الذي يجعله كله نيرًا، والخطوة الثالثة هي عدم الانشغال بالعالم وما فيه من مال وممتلكات.
كيف نصل للهدف؟
تضع الكنيسة شروط دخول الملكوت من خلال الأسابيع التالية:
1. ففي الأسبوع الثاني تضع لنا الكنيسة أول وأهم شرط لدخول الملكوت وهو اجتياز تجارب الشيطان والعالم بنجاح.. فالغالبون هم المُكلَّلون.
2. وفي الأسبوع الثالث والرابع والخامس تضع لنا الكنيسة أملًا للمهزومين حيث باب التوبة مفتوح حتى آخر لحظة. وهناك تدرّج رائع في التوبة وقبول الرب للتائب، فلا نيأس ولا نفقد أملنا ورجاءنا في الملكوت.
+ الأحد الثالث الابن الضال الذي أخطأ وأنفصل عن أبيه، ولكنه عرف أن السعاده ليست في المال أو الأصدقاء أو الشر، وإنما في القرب من الآب السماوي، فعاد وحده، وقبله الأب فرحًا.
+ وفي الأحد الرابع السامرية الخاطئة التي التقي بها الرب في الطريق، فتابت وبشرت بالمسيح، وقبلها الرب.
+ وفي الأحد الخامس المخلع الذي أخطأ وتخلى عنه الجميع، ولكن الرب ذهب إليه وشفاه وردّه مرة أخرى وقبله.
إنها مثل معجزات الأقامة من الموت: الأولى (ابنه يايرس) في البيت، والثانية (ابن أرملة نايين) في الطريق، والثالثة (لعازر) في القبر... وهي تدرج أيضا للتوبة وقبول الرب للتائب.
3. الأحد السادس تصف لنا الكنيسة حالة الخاطئ الذي تاب مثل الأعمى الذي صار بصيرًا، فالخاطئ يحيا في ظلام وحينما يتوب يعود إلى النور فيبصر.
4. وفي الأحد السابع (الشعانين) تقول لنا الكنيسة: إن جعلنا الرب يدخل حياتنا ويملك عليها، فما نعجز على عمله يقوم به الرب، فهو الذي يطهّر الهيكل من الباعة الذين فيه.
نطلب من الرب أن يقودنا في هذه الرحلة بنجاح، ويصير هو الملك لكل ما فينا، ويطهرنا من كل خطية، ويقودنا في موكب نصرته لنتمتع به في ملكوته.