اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون22 فبراير 2019 - 15 امشير 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

مذاقة الروح

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

22 فبراير 2019 - 15 امشير 1735 ش

يمتاز القديس مكاريوس الكبير (300-390م) في كتاباته باستخدام تشبيهات لطيفة متنوّعة للتعبير عن أفكاره الروحيّة.

أقتطف لحضراتكم في هذا المقال سبعة تشبيهات أَورَدَها في العظة السابعة عشرة من عظاته الخمسين الشهيرة؛ والتي استَخدَم فيها مئات التشبيهات البديعة.. مشجِّعًا إيّاكم على قراءة هذه العظات العميقة واللذيذة..

1- كما كانت المسحة في أيّام الأنبياء هي أثمن من جميع الأشياء، إذ أنّ المسحة جعلتهم ملوكًا وأنبياءَ، هكذا الأشخاص الروحيّون الآن، الذين يُمسَحون بالمسحة السماويّة (الميرون) فإنّهم يصيرون مُسَحَاء بحسب النعمة، فيكونون هم أيضًا ملوكًا وأنبياء للأسرار السماويّة. هؤلاء هم أبناء وأرباب وآلهة، مأسورورن ومُستعبَدون لنعمة الله، ومستغرِقون في العُمق، مصلوبون ومُكرَّسون..

2- حينما يكون إنسانٌ ما صديقًا للإمبراطور، ويعمل في قصره، ويتعرّف على أسراره وخفاياه، ويَنظُر أُرجوانَه (ملابسه الملوكيّة)، فإذا صار ذلك الإنسان هو نفسه إمبراطورًا فيما بعد، وتُوِّج، فإنّه لا يندهش أو يُصدَم (بما في القصر) حيث أنّه سبق أن تدرّب طويلاً في أسرار القصر وخفاياه. فلا يستطيع شخص ساذج أو جاهل أو غريب عن خفايا القصر أن يَدخل القصر ويملك، بل يستطيع ذلك فقط أولئك الذين لهم خبرة وتدرُّب. كذلك المسيحيُّون الذين سيملكون في الدهر الآتي، فإنّهم لا يَستغرِبون، إذ أنّهم سبق أن تعرّفوا على أسرار النعمة وخفاياها.

3- كمثل إنسانٍ فقير، يرى نفسه غنيًّا في حلم الليل، وحينما يستيقظ من النوم يجد نفسه فقيرًا عريانًا مرّةً أخرى، كذلك الذين يتحدّثون الحديث الروحاني، ويَظهَرون كأنّهم يتحدثون بكفاءةٍ تامّة، ولكنّهم إن لم يكونوا حاصلين على الشيء الذي يتحدّثون عنه، مُتحقَّقًا في قلوبهم بالتذوّق والقوّة والاختبار الشخصي فإنّه لا يكون لهم سوى مظهر باطل وخيال وهمي.

4- كما أنّ السمكة لا تستطيع أن تعيش خارج الماء، ولا يستطيع أحد أن يمشي بدون قدمين، أو يرى النور بدون عينين، أو يتكلّم بدون لسان، أو يسمع بدون أذنين، هكذا بدون الرب يسوع وعمل قوّته الإلهيّة، لا يستطيع أحد أن يعرف أسرار الله وحكمته، أو أن يحصل على الغنى الحقيقي ويصير مسيحيًّا.

5- من السهل جدًّا على أي إنسان أن يقول: "هذا الخبز مصنوع من القمح". ولكن كان ينبغي أن يخبرَنا عن كيفيّة إعداده وعَجنِهِ بالتفصيل. هكذا فإنّ التحدُّث عن التحرُّر من الأهواء وعن الكمال هو أمر سهل، ولكن خبرة الوصول إلى الكمال ليسَتْ أمرًا هيِّنًا.

6- أولئك الذين يتحدّثون بالأحاديث الروحيّة، بدون أن يتذوّقوا ما يتحدّثون عنه، يُشبهون إنسانًا مسافرًا في صحراء مُقفِرة تحت أشعة الشمس المُحرِقة، وبسبب عطشه فإنّه يتخيّل صورة ينبوع ماءٍ جارٍ ويرى نفسه وهو يشرب منه، بينما تكون شفتاه ولسانه كلّها جافّة مشتعلة من شدّة العطش الذي يتملّكه. أو كمثل إنسانٍ يتحدّث عن العسل ويقول أنّه حلو، مع أنّه لم يذُقْهُ قط، ولذلك فإنّه لا يعرف قوّة حلاوته.

7- المسيحيّة هي في الحقيقة طعامٌ وشراب؛ فكلّما أكل الإنسان منها ازداد قلبه ولَعًا بحلاوتها، فلا يتوقَّف أو يكتفي بل يطلب المزيد، ويستمرّ يأكل بلا شبع أو امتلاء.

وإذا أُعطِيَ شرابٌ حُلوٌ لإنسان عطشان، فإنّه بعد أن يتذوّقه يزداد عطشًا إليه ويشتاق إليه بحرارةٍ أكثر من الأوّل.

الحقيقة أنّ مذاقة الروح تُشبِه ذلك، ولكن بغير حدود، حتّى أنّه لا يوجَد شيء يمكن أن يُمثَّل به. هذه ليست مجرّد كلمات، فهذا فِعل الروح القدس وعمله الذي يعمله في الخفاء في القلب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx